فضيلة الشيخ! أورد أحد الإخوة سؤالاً لفضيلتكم في اللقاء الواحد والخمسين بعد المائة، قال فيه: هل يجوز الزواج بنية الطلاق؟ وكانت إجابتكم: أنه لا يجوز؛ لأن في ذلك غشاً وخداعاً للزوجة وأهلها، ولكن يمكن أن يتزوج بنية مطلقة ومتى عاد إلى بلده أو رآها غير صالحة له فالأمر في ذلك واسع، ولكن نرى أن بعضاً من الناس الآن ينشئ سفراً من بلده للسياحة ويذهب إلى خارج البلاد، ويقول: إنه سيتزوج بنية مطلقة، ويبقى هناك مدة أسبوعين أو ثلاثة فيتزوج، ولكن يظهر أنه عكس ذلك، بدليل: أنه لم يهيأ نفسه لاستقبال زوجته في بلده، ولم يستأذن ولي الأمر من زواجه بهذه المرأة الأجنبية، ولم يتحر عن الأهلية الشرعية لهذه البنت، ولم يخبر أهله أيضاً في رغبته في الزواج في ذلك، فما توجيهكم لمثل هؤلاء، وهل لديكم تفصيل في إجابتكم؟ جزاكم الله خيراً.
نعم، بارك الله فيك! أقول: إن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم ذكر لنا ميزاناً قسطاً عدلاً: (إنما الأعمال بالنيات، وإنما لكل امرئ ما نوى) فإذا كان ذهاب هذا الرجل إلى البلد الأخرى من أجل أن يتمتع بهذا الزواج فقط فهذا زنا لا إشكال فيه؛ لأنه ذهب ليزني ويرجع.
وأما إذا كان حقيقة يريد أن يتفرج على ما في هذا الكون من مخلوقات الله عز وجل وطبائع الناس، ولا سيما إذا كان رجلاً له ذوق في هذه المسائل، ثم إنه هناك تزوج بنية أنه زواجٌ مطلق، فهذا لا بأس به.
وقد بلغني مع الأسف: أن بعض الشباب الآن الذي ليس على استقامة حميدة يذهب إلى البلاد الأخرى ليتزوج بنية الطلاق، وهذا كما قلت لكم أولاً: هذا زنا لا إشكال فيه، وينبغي أننا حتى لو قلنا: بجواز زواج الإنسان المسافر الغريب بنية الطلاق لو قلنا به لا ينبغي أن نفتي به فتوى عامة من أجل منع هذا المحذور وهو أن يسافر من أجل أن يتزوج، والعلماء رحمهم الله الذين حكوا الخلاف في هذه المسألة قالوا: إن فرض هذا في غريبٍ تغرب لغير هذا؛ لغير النكاح إما لتجارة، أو لطلب علم، أو ما أشبه ذلك، قالوا: فإذا اشتدت عليه العزوبة فلا بأس أن يتزوج بنية الطلاق.