ما رأي الشرع فيما يفعله كثير من الناس من بيع العقار الذي يستلمه من الحكومة لبناء الأرض على شخص آخر مقابل مبلغ من المال، أي: يضع اسم آخر بدلاً عن اسمه يعطيه اسمه مقابل مبلغ من المال؟
أولاً: إني لا أرى أن تقول لشخص: ما رأي الشرع في هذا؟ لأن الإنسان لا يمكن أن يكون كل ما يقوله شرعاً، قد يخطئ إنسان، فأنت إما أن تقول: ما رأي الشرع في نظركم، وإما أن تقول: ما رأيكم، أو ما تقولون في كذا.
نقول في الجواب على هذا السؤال: إذا اشترى إنسان أرضاً شراءً صورياً وذهب إلى كاتب العدل وكتبها باسمه، ثم عرضها على صندوق التنمية، والله تعالى يعلم أن هذه الأرض لشخص آخر غير من قدمها، وكذلك صاحبها يعلم ذلك، وكذلك المزور يعلم ذلك، فهل هذا كذب، أو صدق؟ هو كذب، والكذب حرام، والتحيل على أنظمة الدولة التي لا تخالف الشرع بطرق ملتوية خيانة.
إذاً؛ اجتمع في هذا: الكذب، وخيانة الدولة، والتحيل على أنظمتها، وأنظمة الدولة إذا لم تخالف الشرع تجب مراعاتها؛ لأن الله يقول:{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلاً}[النساء:٥٩] .
فالتحيل على إسقاط أنظمة الدولة كالتحيل على إسقاط شرع الله عز وجل؛ لأن طاعة الدولة فيما ليس بمحرم أمر واجب بإيجاب الله عز وجل، وفهم بعض الناس أو تفاهمهم بأن الدولة لا تجب طاعتها، إلا إذا كان الله قد أمر بهذا الشيء بعينه وهذا الفهم خطأ؛ لأنه إذا كان هذا الشيء قد أمر الله به بعينه صار لزاماً علينا إن كان واجباً أن نقوم به سواء أمرتنا به الدولة أو لم تأمرنا، ونقول: إن الله تعالى لم يأمرك به تفصيلاً لكن أمرك به إجمالاً، فالواجب علينا نحن الرعية الذين في أعناقنا بيعة لولاة أمورنا أن نطيعهم إلا في المعصية.
لو قالوا مثلاً: نزلوا ثيابكم إلى أسفل الكعبين، قلنا: لا.
لو قالوا: احلقوا لحاكم.
قلنا: لا.
لو قالوا لنا: اقطعوا أرحامكم.
قلنا: لا.
والحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم على نبينا محمد، وعلى آله وأصحابه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين.