للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ولا ينصب١ الفعل بعد الفاء غير مسبوقةً بنفي٢ أو طلب إلا لضرورة الشّعر؛ كقول الشّاعر: [١٤٧/أ]

سَأَتْرُكُ مَنْزِلِي لِبَنِي تَمِيمٍ ... وَأَلْحَقُ بِالْحِجَازِ فَأَسْتَرِيحَا٣

ولا يجوز النّصب بعد شيءٍ من ذلك إِلاَّ بثلاثة شروط:

الأوّل: أن يكون النّفي خالِصًا من معنى الإثبات.

الثّاني: أن [لا] ٤ يكون الطّلب باسم فعل، ولا بلفظ الخبر؛ ولذلك٥ وجب رفع ما بعد الفاء٦ في نحو: (ما أنتَ إِلاَّ تأتينا فتحدّثنا) و (مَا تَزَالُ تَأتينا٧ فتحدّثُنا٨) ، وكقول الشّاعر:

وَمَا قَامَ مِنَّا قَائِمٌ فِي نَدِيِّنَا ... فَيَنْطِقُ إِلاَّ بِالَّتِي هِيَ أَعْرَفُ٩


١ في أ: تنصب.
٢ في كلتا النسختين: مسبوقة بغير نفي، وما أثبته هو الأولى.
٣ تقدّم تخريجُ هذا البيتِ في ص ٧٨٦.
والشّاهدُ فيه هُنا: (فأستريحا) حيث نصَب الفعل المضارَع بـ (أنْ) المضمرة وُجوبًا بعد فاء السّببيّة غير مسبوقة بنفي أو طلب؛ وهذا ضرورة.
٤ ما بين المعقوفين ساقطٌ من أ.
٥ في أ: وكذلك، وهو تحريف.
٦ في أ: ما، وهو تحريف.
٧ في أ: وما يزال يأتينا فيحدّثنا.
٨ الرّفع واجبٌ في المثالَيْن السّابِقَين؛ لانتقاض النّفي.
٩ هذا بيتٌ من الطّويل، وهو للفرزدق.
و (نديّنا) : النّدي والنّادي: المجلس.
والشّاهدُ فيه: (فينطقُ) حيث رفعه؛ لأنّ من شرط النّصب بعد النّفي أن يكون النّفي خالصًا، وها هُنا ليس كذلك حيث انتقض النّفي بالاستثناء، فصار الكلام مثبتًا، فوجب الرّفع عند الشّارح، وابن مالكٍ، وابن النّاظم.
واستشهد به سيبويه -رحمه الله- على نصب (ينطق) على الجواب بـ (أنْ) مضمرة وُجوبًا بعد فاء السّببيّة؛ ولا عبرة بدخول (إلاّ) بعده ناقضة للنّفي.
وعند سيبويه أنّ مثل هذا يجوز فيه النّصب والرّفع، قال ٣/٣٢: "تقول: ما تأتينا فتكلّم - الأصل: فتتكلّم - إلاّ بالجميل، فالمعنى: أنّك لم تأتِنا إلا تكلّمت بجميل؛ ونصبه على إضمار (أنْ) كما كان نصب ما قبله على إضمار (أنْ) ، وتمثيله كتمثيل الأوّل؛ وإنْ شئتَ رفعتَ على الشّرِكة، كأنّه قال: وما تكلَّمُ إلاّ بالجميل".
يُنظرُ هذا البيتُ في: الكتاب ٣/٣٢، والنّقائض ٥٦٤، والأُصول ٢/١٨٤، وجمهرة أشعار العرب ٢/٨٨٧، وشرح ديوان الحماسة للمرزوقيّ ٢/٥٣٥، وشرح الكافية الشّافية ٣/١٥٤٧، وابن النّاظم ٦٨٠، وتذكرة النّحاة ٧١، والمقاصد النّحويّة ٤/٣٩٠، والدّيوان ٢/٢٩.

<<  <  ج: ص:  >  >>