للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وَالرَّحْمَةُ مِنْ صِفَاتِهِ وَأَمَّا الْعِقَابُ الَّذِي يَتَّصِلُ بِالْعِبَادِ فَهُوَ مَخْلُوقٌ لَهُ وَذَلِكَ هُوَ الْأَلِيمُ فَلَمْ يَقُلْ: وَإِنِّي أَنَا الْمُعَذِّبُ وَلَا فِي أَسْمَائِهِ الثَّابِتَةِ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ اسْمُ الْمُنْتَقِمِ وَإِنَّمَا جَاءَ الْمُنْتَقِمُ فِي الْقُرْآنِ مُقَيَّدًا كَقَوْلِهِ {إنَّا مِنَ الْمُجْرِمِينَ مُنْتَقِمُونَ} وَجَاءَ مَعْنَاهُ مُضَافًا إلَى اللَّهِ فِي قَوْلِهِ: {إنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ ذُو انْتِقَامٍ} وَهَذِهِ نَكِرَةٌ فِي سِيَاقِ الْإِثْبَاتِ وَالنَّكِرَةُ فِي سِيَاقِ الْإِثْبَاتِ مُطْلَقَةٌ لَيْسَ فِيهَا عُمُومٌ عَلَى سَبِيلِ الْجَمْعِ. وَذَلِكَ أَنَّ اللَّهَ سُبْحَانَهُ حَكِيمٌ رَحِيمٌ وَقَدْ أَخْبَرَ أَنَّهُ لَمْ يَخْلُقْ الْمَخْلُوقَاتِ إلَّا بِحِكْمَتِهِ كَمَا قَالَ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: {وَمَا خَلَقْنَا السَّمَاءَ وَالْأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا بَاطِلًا ذَلِكَ ظَنُّ الَّذِينَ كَفَرُوا} وَقَالَ تَعَالَى: {إنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاخْتِلَافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ لَآيَاتٍ لِأُولِي الْأَلْبَابِ} {الَّذِينَ يَذْكُرُونَ اللَّهَ قِيَامًا وَقُعُودًا وَعَلَى جُنُوبِهِمْ وَيَتَفَكَّرُونَ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ رَبَّنَا مَا خَلَقْتَ هَذَا بَاطِلًا} وَقَالَ تَعَالَى: {وَمَا خَلَقْنَا السَّمَاءَ وَالْأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا لَاعِبِينَ} {لَوْ أَرَدْنَا أَنْ نَتَّخِذَ لَهْوًا لَاتَّخَذْنَاهُ مِنْ لَدُنَّا إنْ كُنَّا فَاعِلِينَ} وَقَالَ فِي السُّورَةِ الْأُخْرَى: {مَا خَلَقْنَاهُمَا إلَّا بِالْحَقِّ وَلَكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لَا يَعْلَمُونَ} وَهَذَا يُبَيِّنُ أَنَّ مَعْنَى قَوْلِهِ فِي سَائِرِ الْآيَاتِ: (بِالْحَقِّ هُوَ لِهَذَا الْمَعْنَى الَّذِي يَتَضَمَّنُ حِكْمَتَهُ كَمَا قَالَ: {وَهُوَ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ بِالْحَقِّ وَيَوْمَ يَقُولُ كُنْ فَيَكُونُ} وَقَوْلُهُ: {وَمَا خَلَقْنَا السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا إلَّا