للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وَمِمَّا يُبَيِّنُ هَذَا أَنَّ الشَّرَّ لَمْ يَرِدْ فِي أَسْمَائِهِ وَإِنَّمَا وَرَدَ فِي مَفْعُولَاتِهِ وَلَمْ يُضِفْ إلَيْهِ إلَّا عَلَى سَبِيلِ الْعُمُومِ وَأَضَافَهُ إلَى السَّبَبِ الْمَخْلُوقِ أَوْ بِحَذْفِ فَاعِلِهِ وَذَلِكَ كَقَوْلِهِ تَعَالَى: {اللَّهُ خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ} و {مِنْ شَرِّ مَا خَلَقَ} وَكَأَسْمَائِهِ الْمُقْتَرِنَةِ مِثْلَ الْمُعْطِي الْمَانِعِ الضَّارِّ النَّافِعِ الْمُعِزِّ الْمُذِلِّ الْخَافِضِ الرَّافِعِ وَكَقَوْلِهِ: {وَإِذَا مَرِضْتُ فَهُوَ يَشْفِينِ} وَكَقَوْلِهِ: {صِرَاطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلَا الضَّالِّينَ} وَكَقَوْلِ الْجِنِّ: {وَأَنَّا لَا نَدْرِي أَشَرٌّ أُرِيدَ بِمَنْ فِي الْأَرْضِ أَمْ أَرَادَ بِهِمْ رَبُّهُمْ رَشَدًا} . وَقَدْ ثَبَتَ فِي صَحِيحِ مُسْلِمٍ عَنْ {النَّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ كَانَ يَقُولُ فِي دُعَاءِ الِاسْتِفْتَاحِ وَالْخَيْرُ بِيَدَيْك وَالشَّرُّ لَيْسَ إلَيْك} وَسَوَاءٌ أُرِيدَ بِهِ: أَنَّهُ لَا يُضَافُ إلَيْك وَلَا يُتَقَرَّبُ بِهِ إلَيْك أَوْ قِيلَ إنَّ الشَّرَّ إمَّا عَدَمٌ وَإِمَّا مِنْ لَوَازِمِ الْعَدَمِ وَكِلَاهُمَا لَيْسَ إلَى اللَّهِ فَهَذَا يُبَيِّنُ أَنَّهُ سُبْحَانَهُ إنَّمَا يُضَافُ إلَيْهِ الْخَيْرُ وَأَسْمَاؤُهُ تَدُلُّ عَلَى صِفَاتِهِ وَذَلِكَ كُلُّهُ خَيْرٌ حَسَنٌ جَمِيلٌ لَيْسَ فِيهِ شَرٌّ وَإِنَّمَا وَقَعَ الشَّرُّ فِي الْمَخْلُوقَاتِ قَالَ تَعَالَى {نَبِّئْ عِبَادِي أَنِّي أَنَا الْغَفُورُ الرَّحِيمُ} {وَأَنَّ عَذَابِي هُوَ الْعَذَابُ الْأَلِيمُ} وَقَالَ تَعَالَى: {اعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ وَأَنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ} وَقَالَ تَعَالَى: {إنَّ رَبَّكَ سَرِيعُ الْعِقَابِ وَإِنَّهُ لَغَفُورٌ رَحِيمٌ} فَجَعَلَ الْمَغْفِرَةَ وَالرَّحْمَةَ مِنْ مَعَانِي أَسْمَائِهِ الْحُسْنَى الَّتِي يُسَمِّي بِهَا نَفْسَهُ فَتَكُونُ الْمَغْفِرَةُ