للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وَغَيْرِهِ مِنْ أَئِمَّةِ الْهُدَى وَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ {زَيِّنُوا الْقُرْآنَ بِأَصْوَاتِكُمْ} . وَأَمَّا التِّلَاوَةُ فِي نَفْسِهَا الَّتِي هِيَ حُرُوفُ الْقُرْآنِ وَأَلْفَاظُهُ فَهِيَ غَيْرُ مَخْلُوقَةٍ وَالْعَبْدُ إنَّمَا يَقْرَأُ كَلَامَ اللَّهِ بِصَوْتِهِ كَمَا أَنَّهُ إذَا قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ {إنَّمَا الْأَعْمَالُ بِالنِّيَّاتِ} فَهَذَا الْكَلَامُ لَفْظُهُ وَمَعْنَاهُ إنَّمَا هُوَ كَلَامُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ قَدْ بَلَّغَهُ بِحَرَكَتِهِ وَصَوْتِهِ كَذَلِكَ الْقُرْآنُ لَفْظُهُ وَمَعْنَاهُ كَلَامُ اللَّهِ تَعَالَى؛ لَيْسَ لِلْمَخْلُوقِ فِيهِ إلَّا تَبْلِيغُهُ وَتَأْدِيَتُهُ وَصَوْتُهُ وَمَا يَخْفَى عَلَى لَبِيبٍ الْفَرْقُ بَيْنَ التِّلَاوَةِ فِي نَفْسِهَا؛ قَبْلَ أَنْ يَتَكَلَّمَ بِهَا الْخَلْقُ وَبَعْدَ أَنْ يَتَكَلَّمُوا بِهَا وَبَيْنَ مَا لِلْعَبْدِ فِي تِلَاوَةِ الْقُرْآنِ مِنْ عَمَلٍ وَكَسْبٍ وَإِنَّمَا غَلِطَ بَعْضُ الْمُوَافِقِينَ وَالْمُخَالِفِينَ فَجَعَلُوا الْبَابَيْنِ بَابًا وَاحِدًا وَأَرَادُوا أَنْ يَسْتَدِلُّوا عَلَى نَفْسِ حُدُوثِ حُرُوفِ الْقُرْآنِ بِمَا دَلَّ عَلَى حُدُوثِ أَفْعَالِ الْعِبَادِ وَمَا تَوَلَّدَ عَنْهَا وَهَذَا مِنْ أَقْبَحِ الْغَلَطِ وَلَيْسَ فِي الْحُجَجِ الْعَقْلِيَّةِ وَلَا السَّمْعِيَّةِ مَا يَدُلُّ عَلَى حُدُوثِ نَفْسِ حُرُوفِ الْقُرْآنِ إلَّا مِنْ جِنْسِ مَا يُحْتَجُّ بِهِ عَلَى حُدُوثِ مَعَانِيهِ. وَالْجَوَابُ عَنْ الْحُجَجِ مِثْلُ الْجَوَابِ عَنْ هَذِهِ لِمَنْ اسْتَهْدَى اللَّهَ فَهَدَاهُ. وَأَمَّا مَا ذَكَرُوهُ مِنْ آيَاتِ الصِّفَاتِ وَأَحَادِيثِهَا: فَمَذْهَبُ سَلَفِ الْأُمَّةِ مِنْ الصَّحَابَةِ وَالتَّابِعِينَ وَسَائِر الْأَئِمَّةِ الْمَتْبُوعِينَ الْإِقْرَارُ وَالْإِمْرَارُ. قَالَ