أَكْثَرَهُمْ مَنْ قَالَ: لَفْظِي بِالْقُرْآنِ مَخْلُوقٌ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ قَدْ يَدْخُلُ فِيهِ فِعْلُهُ. " الثَّالِثُ " التِّلَاوَةُ الظَّاهِرَةُ مِنْ الْعَبْدِ عَقِيبَ حَرَكَةِ الْآيَةِ فَهَذِهِ مِنْهُمْ مَنْ يَصِفُهَا بِالْخَلْقِ وَأَوَّلُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ - فِيمَا بَلَغَنَا - حُسَيْنٌ الكرابيسي وَتِلْمِيذُهُ دَاوُد الأصبهاني وَطَائِفَةٌ؛ فَأَنْكَرَ ذَلِكَ عَلَيْهِمْ عُلَمَاءُ السُّنَّةِ فِي ذَلِكَ الْوَقْتِ وَقَالُوا فِيهِمْ كَلَامًا غَلِيظًا وَجُمْهُورُهُمْ - وَهُمْ اللَّفْظِيَّةُ عِنْدَ السَّلَفِ - الَّذِينَ يَقُولُونَ: لَفْظُنَا بِالْقُرْآنِ مَخْلُوقٌ أَوْ الْقُرْآنُ بِأَلْفَاظِنَا مَخْلُوقٌ وَنَحْوَ ذَلِكَ. وَعَارَضَهُمْ طَائِفَةٌ مِنْ أَهْلِ الْحَدِيثِ وَالسُّنَّةِ كَثِيرُونَ فَقَالُوا: لَفْظُنَا بِالْقُرْآنِ غَيْرُ مَخْلُوقٍ وَاَلَّذِي اسْتَقَرَّتْ عَلَيْهِ نُصُوصُ الْإِمَامِ أَحْمَد وَطَبَقَتِهِ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ: أَنَّ مَنْ قَالَ: لَفْظِي بِالْقُرْآنِ مَخْلُوقٌ فَهُوَ جهمي وَمَنْ قَالَ غَيْرُ مَخْلُوقٍ فَهُوَ مُبْتَدِعٌ هَذَا هُوَ الصَّوَابُ عِنْدَ جَمَاهِيرِ أَهْلِ السُّنَّةِ أَنْ لَا يُطْلَقَ وَاحِدٌ مِنْهُمَا كَمَا عَلَيْهِ الْإِمَامُ أَحْمَد وَجُمْهُورُ السَّلَفِ؛ لِأَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْ الْإِطْلَاقَيْنِ يَقْتَضِي إيهَامًا لِخَطَأِ؛ فَإِنَّ أَصْوَاتَ الْعِبَادِ مُحْدَثَةٌ بِلَا شَكٍّ وَإِنْ كَانَ بَعْضُ مَنْ نَصَرَ السُّنَّةَ يَنْفِي الْخَلْقَ عَنْ الصَّوْتِ الْمَسْمُوعِ مِنْ الْعَبْدِ بِالْقُرْآنِ وَهُوَ مِقْدَارُ مَا يَكُونُ مِنْ الْقُرْآنِ الْمُبَلَّغِ. فَإِنَّ جُمْهُورَ أَهْلِ السُّنَّةِ أَنْكَرُوا ذَلِكَ وَعَابُوهُ جَرْيًا عَلَى مِنْهَاجِ أَحْمَد
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.app/page/contribute