للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فَإِذَا كَانَتْ الْعِبَادَةُ وَالطَّاعَةُ وَالذُّلُّ لَهُ تُحَقِّقُ أَنَّهُ أَعْلَى فِي نُفُوسِ الْعِبَادِ عِنْدَهُمْ كَمَا هُوَ الْأَعْلَى فِي ذَاتِهِ كَمَا تَصِيرُ كَلِمَتُهُ هِيَ الْعُلْيَا فِي نُفُوسِهِمْ كَمَا هِيَ الْعُلْيَا فِي نَفْسِهَا وَكَذَلِكَ التَّكْبِيرُ يُرَادُ بِهِ أَنْ يَكُونَ عِنْدَ الْعَبْدِ أَكْبَرَ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ؛ كَمَا قَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِعَدِيِّ بْنِ حَاتِمٍ: {يَا عَدِيُّ مَا يَفِرُّك؟ أيفرك أَنْ يُقَالَ: لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ؟ فَهَلْ تَعْلَمُ مِنْ إلَهٍ إلَّا اللَّهَ؟ يَا عَدِيُّ مَا يفرك؟ أيفرك أَنْ يُقَالَ: اللَّهُ أَكْبَرُ؟ فَهَلْ مِنْ شَيْءٍ أَكْبَرُ مِنْ اللَّهِ؟} وَهَذَا يُبْطِلُ قَوْلَ مَنْ جَعَلَ أَكْبَرَ بِمَعْنَى كَبِيرٍ. وَقَدْ قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ {إنَّا مَعَاشِرَ الْأَنْبِيَاءِ دِينُنَا وَاحِدٌ} وَهُوَ الْإِسْلَامُ وَهُوَ الِاسْتِسْلَامُ لِلَّهِ؛ لَا لِغَيْرِهِ بِأَنْ تَكُونَ الْعِبَادَةُ وَالطَّاعَةُ لَهُ وَالذُّلُّ وَهُوَ حَقِيقَةُ لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ. وَلَا رَيْبَ أَنَّ مَا سِوَى هَذَا لَا يُقْبَلُ وَهُوَ سُبْحَانَهُ يُطَاعُ فِي كُلِّ زَمَانٍ بِمَا أَمَرَ بِهِ فِي ذَلِكَ الزَّمَانِ؛ فَلَا إسْلَامَ بَعْدَ مَبْعَثِ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إلَّا فِيمَا جَاءَ بِهِ وَطَاعَتِهِ وَهِيَ مِلَّةُ إبْرَاهِيمَ الَّتِي لَا يَرْغَبُ عَنْهَا إلَّا مَنْ سَفِهَ نَفْسَهُ وَهُوَ " الْأُمَّةُ " الَّذِي يُؤْتَمُّ بِهِ كَمَا أَنَّ " الْقُدْوَةَ " هُوَ الَّذِي يُقْتَدَى بِهِ وَهُوَ " الْإِمَامُ " كَمَا فِي قَوْلِهِ {إنِّي جَاعِلُكَ لِلنَّاسِ إمَامًا} وَهُوَ " الْقَانِتُ " وَالْقُنُوتُ دَوَامُ الطَّاعَةِ وَهُوَ الَّذِي يُطِيعُ اللَّهَ دَائِمًا وَالْحَنِيفُ الْمُسْتَقِيمُ إلَى رَبِّهِ دُونَ مَا سِوَاهُ.

وَقَوْلُهُ: {مَنْ تَقَرَّبَ إلَيَّ شِبْرًا تَقَرَّبْت إلَيْهِ ذِرَاعًا وَمَنْ تَقَرَّبَ إلَيَّ ذِرَاعًا