للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

تَعَالَى {صُنْعَ اللَّهِ الَّذِي أَتْقَنَ كُلَّ شَيْءٍ} وقَوْله تَعَالَى {وَلَقَدْ كَتَبْنَا فِي الزَّبُورِ} {وَكَتَبْنَا لَهُ فِي الْأَلْوَاحِ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ} فَهَلْ يَسْتَحِلُّ مُسْلِمٌ أَنْ يُثْبِتَ لِرَبِّهِ خَاصِّيَّةَ الْآدَمِيِّ الْبَانِي الصَّانِعِ الْكَاتِبِ الْعَامِلِ؟ أَمْ يَسْتَحِلُّ أَنْ يَنْفِيَ عَنْهُ حَقِيقَةَ الْعَمَلِ وَالْبِنَاءِ كَمَا يَخْتَصُّ بِهِ وَيَلِيقُ بِجَلَالِهِ؟ أَمْ يَسْتَحِلُّ أَنْ يَقُولَ: هَذِهِ الْأَلْفَاظُ مَصْرُوفَةٌ عَنْ ظَاهِرِهَا؟ أَمْ الَّذِي يَجِبُ أَنْ يَقُولَ: عَمَلُ كُلِّ أَحَدٍ بِحَسَبِهِ فَكَمَا أَنَّ ذَاتَهُ لَيْسَتْ مِثْلَ ذَوَاتِ خَلْقِهِ: فَعَمَلُهُ وَصُنْعُهُ وَبِنَاؤُهُ؛ لَيْسَ مِثْلَ عَمَلِهِمْ وَصُنْعِهِمْ وَبِنَائِهِمْ. وَنَحْنُ لَمْ نَفْهَمْ مِنْ قَوْلِنَا: بَنَى فُلَانٌ. وَكَتَبَ فُلَانٌ: مَا فِي عَمَلِهِ مِنْ الْمُعَالَجَةِ وَالتَّأَثُّرِ إلَّا مِنْ جِهَةِ عِلْمِنَا بِحَالِ الْبَانِي؛ لَا مِنْ جِهَةِ مُجَرَّدِ اللَّفْظِ الَّذِي هُوَ لَفْظُ الْفِعْلِ وَمَا يَدُلُّ عَلَيْهِ بِخُصُوصِ إضَافَتِهِ إلَى الْفَاعِلِ الْمُعَيَّنِ. وَبِهَذَا يَنْكَشِفُ لَك كَثِيرٌ مِمَّا يُشْكِلُ عَلَى كَثِيرٍ مِنْ النَّاسِ وَتَرَى مَوَاقِعَ اللَّبْسِ فِي كَثِيرٍ مِنْ هَذَا الْبَابِ. وَاَللَّهُ يُوَفِّقُنَا وَسَائِرَ إخْوَانِنَا الْمُسْلِمِينَ لِمَا يُحِبُّهُ وَيَرْضَاهُ مِنْ الْقَوْلِ وَالْعَمَلِ. وَيَجْمَعُ قُلُوبَنَا عَلَى دِينِهِ الَّذِي ارْتَضَاهُ لِنَفْسِهِ وَبَعَثَ بِهِ رَسُولَهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَالْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ وَصَلَّى اللَّهُ عَلَى مُحَمَّدٍ صَاحِبِ الْحَوْضِ الْمَوْرُودِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ تَسْلِيمًا كَثِيرًا.