للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وَالسَّمْعِ وَالْبَصَرِ فَهَذَا النَّوْعُ مِنْ الْأَلْفَاظِ لَا يُمْكِنُ أَنْ يُوجَدَ لَهُ مَعْنًى مُفْرَدٌ بِحَسَبِ بَعْضِ مَوَارِدِهِ؛ لِوَجْهَيْنِ. " أَحَدِهِمَا " أَنَّهُ لَمْ يُسْتَعْمَلْ مُفْرَدًا قَطُّ. " الثَّانِي " أَنَّ ذَلِكَ يَلْزَمُ مِنْهُ الِاشْتِرَاكُ أَوْ الْمَجَازُ؛ بَلْ يُجْعَلُ حَقِيقَةً فِي الْقَدْرِ الْمُشْتَرَكِ بَيْنَ مَوَارِدِهِ. وَمَا نَحْنُ فِيهِ مِنْ هَذَا الْبَابِ؛ فَإِنَّ لَفْظَ اسْتَوَى لَمْ تَسْتَعْمِلْهُ الْعَرَبُ فِي خُصُوصِ جُلُوسِ الْآدَمِيِّ - مَثَلًا - عَلَى سَرِيرِهِ حَقِيقَةً حَتَّى يَصِيرَ فِي غَيْرِهِ مَجَازًا: كَمَا أَنَّ لَفْظَ " الْعِلْمِ " لَمْ تَسْتَعْمِلْهُ الْعَرَبُ فِي خُصُوصِ الْعُرْفِ الْقَائِمِ بِقَلْبِ الْبَشَرِ الْمُنْقَسِمِ إلَى " ضَرُورِيٍّ " و " نَظَرِيٍّ " حَقِيقَةً وَاسْتَعْمَلَتْهُ فِي غَيْرِهِ مَجَازًا؛ بَلْ الْمَعْنَى تَارَةً: يُسْتَعْمَلُ بِلَا تَعْدِيَةٍ كَمَا فِي قَوْلِهِ: {وَلَمَّا بَلَغَ أَشُدَّهُ وَاسْتَوَى} . وَتَارَةً: يُعَدَّى بِحَرْفِ الْغَايَةِ كَمَا فِي قَوْلِهِ: {ثُمَّ اسْتَوَى إلَى السَّمَاءِ وَهِيَ دُخَانٌ} . وَتَارَةً: يُعَدَّى بِحَرْفِ الِاسْتِعْلَاءِ. ثُمَّ هَذَا تَارَةً: يَكُونُ صِفَةً لِلَّهِ. وَتَارَةً: يَكُونُ صِفَةً لِخَلْقِهِ. فَلَا يَجِبُ أَنْ يُجْعَلَ فِي أَحَدِ الْمَوْضِعَيْنِ حَقِيقَةً وَفِي الْآخَرِ مَجَازًا. وَلَا يَجُوزُ أَنْ يُفْهَمَ مِنْ اسْتِوَاءِ اللَّهِ الْخَاصِّيَّةَ الَّتِي تَثْبُتُ لِلْمَخْلُوقِ دُونَ الْخَالِقِ؛ كَمَا فِي قَوْله تَعَالَى {وَالسَّمَاءَ بَنَيْنَاهَا بِأَيْدٍ} وقَوْله تَعَالَى {مِمَّا عَمِلَتْ أَيْدِينَا} وقَوْله