للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ هَذَا فِي جَوْفِ مَكَّةَ لِأَهْلِ مَكَّةَ عَامَ الْفَتْحِ وَقَدْ ثَبَتَ أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ قَالَهُ لِأَهْلِ مَكَّةَ لَمَّا صَلَّى فِي جَوْفِ مَكَّةَ. وَمِنْ الْمَعْلُومِ أَنَّهُ لَوْ كَانَ أَهْلُ مَكَّةَ قَامُوا فَأَتَمُّوا وَصَلَّوْا أَرْبَعًا وَفَعَلُوا ذَلِكَ بِعَرَفَةَ وَمُزْدَلِفَةَ وَبِمِنًى أَيَّامَ مِنًى لَكَانَ مِمَّا تَتَوَفَّرُ الْهِمَمُ وَالدَّوَاعِي عَلَى نَقْلِهِ بِالضَّرُورَةِ؛ بَلْ لَوْ أَخَّرُوا صَلَاةَ الْعَصْرِ ثُمَّ قَامُوا دُونَ سَائِرِ الْحُجَّاجِ فَصَلَّوْهَا قَصْرًا لَنُقِلَ ذَلِكَ فَكَيْفَ إذَا أَتَمُّوا الظُّهْرَ أَرْبَعًا دُونَ سَائِرِ الْمُسْلِمِينَ وَأَيْضًا فَإِنَّهُمْ إذَا أَخَذُوا فِي إتْمَامِ الظُّهْرِ وَالنَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَدْ شَرَعَ فِي الْعَصْرِ لَكَانَ إمَّا أَنْ يَنْتَظِرَهُمْ فَيُطِيلَ الْقِيَامَ وَإِمَّا أَنْ يَفُوتَهُمْ مَعَهُ بَعْضُ الْعَصْرِ بَلْ أَكْثَرُهَا؛ فَكَيْفَ إذَا كَانُوا يُتِمُّونَ الصَّلَوَاتِ؟ وَهَذَا حُجَّةٌ عَلَى كُلِّ أَحَدٍ وَهُوَ عَلَى مَنْ يَقُولُ: إنَّ أَهْلَ مَكَّةَ جَمَعُوا مَعَهُ أَظْهَرُ. وَذَلِكَ أَنَّ الْعُلَمَاءَ تَنَازَعُوا فِي أَهْلِ مَكَّةَ هَلْ يَقْصُرُونَ وَيَجْمَعُونَ بِعَرَفَةَ؟ عَلَى ثَلَاثَةِ أَقْوَالٍ. فَقِيلَ لَا يَقْصُرُونَ وَلَا يَجْمَعُونَ. وَهَذَا هُوَ الْمَشْهُورُ عِنْدَ أَصْحَابِ الشَّافِعِيِّ وَطَائِفَةٍ مِنْ أَصْحَابِ أَحْمَد: كَالْقَاضِي فِي " الْمُجَرَّدِ " وَابْنِ عَقِيلٍ فِي " الْفُصُولِ " لِاعْتِقَادِهِمْ أَنَّ ذَلِكَ مُعَلَّقٌ بِالسَّفَرِ الطَّوِيلِ؛ وَهَذَا قَصِيرٌ.