للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

لَهُ ذِكْرٌ فِي كَلَامِهِ وَهُوَ مَبْعُوثٌ إلَى جَمِيعِ النَّاسِ فَلَا بُدَّ أَنْ يَكُونَ مِقْدَارُ السَّفَرِ مَعْلُومًا عِلْمًا عَامًّا وَذَرْعُ الْأَرْضِ مِمَّا لَا يُمْكِنُ؛ بَلْ هُوَ إمَّا مُتَعَذَّرٌ وَإِمَّا مُتَعَسِّرٌ؛ لِأَنَّهُ إذَا أَمْكَنَ الْمُلُوكَ وَنَحْوَهُمْ مَسْحُ طَرِيقٍ فَإِنَّمَا يَمْسَحُونَهُ عَلَى خَطٍّ مُسْتَوٍ أَوْ خُطُوطٍ مُنْحَنِيَةٍ انْحِنَاءً مَضْبُوطًا وَمَعْلُومٌ أَنَّ الْمُسَافِرِينَ قَدْ يَعْرِفُونَ غَيْرَ تِلْكَ الطَّرِيقِ وَقَدْ يَسْلُكُونَ غَيْرَهَا وَقَدْ يَكُونُ فِي الْمَسَافَةِ صُعُودٌ وَقَدْ يَطُولُ سَفَرُ بَعْضِهِمْ لِبُطْءِ حَرَكَتِهِ وَيَقْصُرُ سَفَرُ بَعْضِهِمْ لِسُرْعَةِ حَرَكَتِهِ وَالسَّبَبُ الْمُوجِبُ هُوَ نَفْسُ السَّفَرِ لَا نَفْسُ مِسَاحَةِ الْأَرْضِ. وَالْمَوْجُودُ فِي كَلَامِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَالصَّحَابَةِ فِي تَقْدِيرِ الْأَرْضِ بِالْأَزْمِنَةِ كَقَوْلِهِ فِي الْحَوْضِ {طُولُهُ شَهْرٌ وَعَرْضُهُ شَهْرٌ} وَقَوْلِهِ {بَيْنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ خَمْسُمِائَةِ سَنَةٍ} وَفِي حَدِيثٍ آخَرَ {إحْدَى أَوْ اثْنَتَانِ أَوْ ثَلَاثٌ وَسَبْعُونَ سَنَةً} فَقِيلَ الْأَوَّلُ بِالسَّيْرِ الْمُعْتَادِ سَيْرُ الْإِبِلِ وَالْأَقْدَامِ وَالثَّانِي سَيْرُ الْبَرِيدِ؛ فَإِنَّهُ فِي الْعَادَةِ يُقْطَعُ بِقَدْرِ الْمُعْتَادِ سَبْعَ مَرَّاتٍ. وَكَذَلِكَ الصَّحَابَةُ يَقُولُونَ يَوْمٌ تَامٌّ وَيَوْمَانِ؛ وَلِهَذَا قَالَ مَنْ حَدَّهُ بِثَمَانِيَةِ وَأَرْبَعِينَ مِيلًا: مَسِيرَةُ يَوْمَيْنِ قَاصِدِينَ بِسَيْرِ الْإِبِلِ وَالْأَقْدَامِ لَكِنَّ هَذَا لَا دَلِيلَ عَلَيْهِ. وَإِذَا كَانَ كَذَلِكَ فَنَقُولُ: كُلُّ اسْمٍ لَيْسَ لَهُ حَدٌّ فِي اللُّغَةِ وَلَا فِي الشَّرْعِ فَالْمَرْجِعُ فِيهِ إلَى الْعُرْفِ فَمَا كَانَ سَفَرًا فِي عُرْفِ النَّاسِ فَهُوَ