للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

كتنبيه إمام، أو تنبيه مارٍّ، أو من يريد منه أمراً وهو لا يدري أنه يصلي فإنه يسبِّح، فيقول: سبحان الله، وأن المرأة إذا نابها شيء وهي تصلي فإنها تصفق، وهذا من فضل الله تعالى على عباده، فإنه لما نسخ الله الكلام في الصلاة أبقى ما يُنتفع به ويحصل به المقصود كالتسبيح، وقد ورد في حديث سهل بن سعد رضي الله عنه أن النبي صلّى الله عليه وسلّم قال: «إذا نابكم شيء في الصلاة فليسبح الرجال ولتصفق النساء»، وفي لفظ: «من نابه شيء في صلاته فليقل: سبحان الله، فإنه لا يسمعه أحد حين يقول: سبحان الله إلا التفت»، وفي رواية: «إنما التصفيق للنساء» (١)، وهذا أسلوب من أساليب القصر.

وصفته: إما أن تضرب ببطن كفها على ظهر الأخرى، أو تضرب بظهر كفها على بطن الأخرى، أو ببطن كفها على بطن الأخرى، كما هو المعروف عند النساء الآن (٢)، والأمر في ذلك واسع؛ لأن الشرع لم يحدد صفة معينة.

وإذا انتبه المنبَّه بالتسبيح مرة واحدة لم يعده المصلي مرة أخرى؛ لأنه ذكرٌ مشروع لسبب، فيزول بزوال سببه، وإن لم ينتبه كرره حتى يحصل المقصود.

وحكمة التفريق يبن الرجال والنساء في موضوع التنبيه أثناء الصلاة ظاهرة، فإن المرأة مأمورة بخفض صوتها في الصلاة مطلقاً خشية الافتتان بها، ولهذا نهيت عن رفع صوتها في القراءة والتلبية ونحو ذلك من مسائل العبادات، وكذا في غير العبادة لا ترفع صوتها إذا كان بحضرتها أجانب.

لكن إن كانت المرأة بحضرة نساء فقط فهل تسبح - لأن التسبيح ذكر مشروع في الصلاة بخلاف التصفيق - أو أنها تصفق مطلقاً؟ المسألة محتملة (٣) فمن أخذ بعموم الحديث وأن النساء لهن التصفيق قال بالثاني، ومن أخذ بالتعليل المذكور والمعنى المتقدم قال: تسبح، وقد يؤيد ذلك ظاهر الحديث،


(١) تقدم تخريجه عند الحديث (٢٢٠).
(٢) انظر: "فتح الباري" لابن رجب (٩/ ٣١١).
(٣) انظر: "فتح الباري" لابن رجب (٩/ ٣١٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>