للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

٣٢] أي: الشمس، وقوله تعالى: {كُلُّ مَنْ عَلَيْهَا فَانٍ} [الرحمن: ٢٦] أي: الأرض، والمعنى: أن الكفار هم الذين يستعملون أواني الذهب والفضة في الدنيا؛ لأنه ليس عندهم دين يمنعهم من ذلك، وليس المراد إباحتها لهم؛ لأن الكفار لا يجوز لهم التمتع بنعم الله وهم على كفرهم، فأنتم أيها المسلمون منهيون عن التشبه بهم، وستكون لكم في الآخرة مكافأة لكم على تركها في الدنيا، ويُمنعُها أولئك جزاء لهم على معصيتهم في الدنيا، وقد ورد في حديث البراء بن عازب رضي الله عنه: أمرنا رسول الله صلّى الله عليه وسلّم بسبع ونهانا عن سبع، ومنها: «وعن الشرب في الفضة، فإنه من شرب فيها في الدنيا لم يشرب فيها في الآخرة» (١)، وعن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم قال: «من شرب في انية الفضة والذهب في الدنيا لم يشرب فيهما في الآخرة، وانية أهل الجنة الذهب والفضة» (٢)، وهذه هي العلة من تحريم استعمال أواني الذهب والفضة على المسلمين، وهي علة منصوص عليها، لكن أضاف العلماء عللاً أخرى منها:

١ - أنها وسيلة إلى الخيلاء والتكبر.

٢ - أن فيها كسراً لقلوب الفقراء.

وهي علل فيها نظر، قال ابن القيم: (والصواب أن العلة - والله أعلم - ما يكسب استعمالها القلب من الهيئة والحالة المنافية للعبودية منافاة ظاهرة، ولهذا علل النبي صلّى الله عليه وسلّم بأنها للكفار في الدنيا، إذ ليس لهم نصيب من العبودية التي ينالون بها في الآخرة نعيمها، فلا يصلح استعمالها لعبيد الله في الدنيا، وإنما يستعملها من خرج عن عبوديته ورضي بالدنيا وعاجلها من الآخرة) (٣).

الوجه الرابع: الحديث دليل على النهي عن الأكل والشرب في أواني الذهب والفضة، وهذا النهي للتحريم، والعلة في ذلك التشبه بالكفار، قال


(١) الحديث أصله في "الصحيحين"، لكن انفرد مسلم بهذه الزيادة (٢٠٦٦).
(٢) أخرجه النسائي في "الكبرى" (٦/ ٣٠٠)، قال الحافظ في "فتح الباري" (١/ ٩٧٠): (بسند قوي).
(٣) "زاد المعاد" (٤/ ٣٥١).

<<  <  ج: ص:  >  >>