للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث / الرقم المسلسل:

الوجه الخامس: أنه يستحب للإمام مراعاة أحوال الضعفاء وكبار السن من المأمومين فلا يشق عليهم بطول الصلاة في القيام والركوع والسجود، ولا بطول الانتظار بحيث يشق عليهم التأخر، وسيأتي لذلك زيادة بيان في باب «صلاة الجماعة والإمامة» إن شاء الله تعالى.

ويؤخذ من ذلك مراعاة الضعفاء في كل شيء في السفر وفي الجهاد وفي مواساتهم بالمال ونحو ذلك؛ لأنه إذا طلب مراعاتهم في الصلاة التي هي عمود الإسلام، فغيرها من باب أولى.

وقد ورد عن مصعب بن سعد قال: رأى سعد رضي الله عنه أن له فضلاً على من دونه، فقال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: «هل تنصرون وترزقون إلا بضعفائكم»، وفي رواية: أنه ظن أن له فضلاً على من دونه من أصحاب النبي صلّى الله عليه وسلّم، فقال النبي صلّى الله عليه وسلّم: «إنما ينصر الله هذه الأمة بضعيفها: بدعوتهم، وصلاتهم، وإخلاصهم» (١).

الوجه السادس: الحديث دليل على تفضيل من يتولى الأذان حِسْبَةً ولا يأخذ على أذانه أجراً؛ لأن من كان كذلك يكون أكمل في رعاية الوقت لحرصه على الأذان، وإبراء ذمته، لما في قلبه من الدافع الإيماني القوي، بخلاف من يؤذن لأجل عرض الدنيا فقد يتساهل، ولا يكون عنده من الإخلاص والحرص ما عند ذاك.

وقد استدل بهذا الحديث على منع الاستئجار على الأذان متقدمو الحنفية، وابن حبيب من المالكية، وهو المشهور عند الحنابلة، وهو وجه عند الشافعية، وبه قال ابن حزم (٢).

ووجه الاستدلال - كما قال الصنعاني ـ: (أن من صفة المؤذن المأمور باتخاذه ألاَّ يأخذ على أذانه أجراً، فيكون دليلاً على أن من أخذ على أذانه أجراً ليس مأموراً باتخاذه) (٣).


(١) أخرجه البخاري (٢٨٩٦)، والرواية الثانية للنسائي (٦/ ٤٥).
(٢) "بدائع الصنائع" (١/ ١٥٢)، "المجموع" (٣/ ١٢٥)، "المحلى" (٣/ ١٤٥) (٨/ ١٩١)، "المغني" (٢/ ٧٠)، "الخرشي على مختصر خليل" (١/ ٤٤١).
(٣) "سبل السلام" (١/ ٢٤٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>