للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث / الرقم المسلسل:

وأما القياس على تأمين الإمام ففيه نظر؛ لأن تأمين الإمام فيه نص خاص، والأصل عدم القياس في العبادات.

الوجه السادس: ظاهر حديث أبي سعيد أنه يتابع المؤذن، وإن تعدد المؤذنون، وأن ذلك لا يختص بأول أذان، وقد حكى القاضي عياض قولين في المسألة (١):

القول الأول: استحباب متابعة كل مؤذن، أخذاً بظاهر الحديث، وهو من باب ترتيب الحكم على الوصف المناسب، وهو من الطرق الدالة على التعليل على المشهور، وحينئذ يتكرر الحكم بتكرر علته (٢).

وقد اختار هذا القول جمع من أهل العلم، منهم العز بن عبد السلام فإنه قال: (وإن أذنوا مرتين أجاب كل واحد إجابة، لتعدد السبب، وإجابة الأول أفضل .. ) (٣)، ونقله عنه الحافظ ابن حجر (٤)، ومنهم شيخ الإسلام ابن تيمية، فقد جاء في «الاختيارات»: (ويجيب مؤذناً ثانياً وأكثر حيث يستحب ذلك، كما كان المؤذنان يؤذنان على عهد النبي صلّى الله عليه وسلّم) (٥)، ومنهم النووي فإنه قال: (ولم أر فيه شيئاً لأصحابنا، والمسألة محتملة، والمختار أن يقال: المتابعة سنة متأكدة، يكره تركها، لتصريح الأحاديث الصحيحة بالأمر بها، وهذا يختص بالأول؛ لأن الأمر لا يقتضي التكرار، وأما أصل الفضيلة والثواب في المتابعة فلا يختص، والله أعلم) (٦).

والقول الثاني: أن المتابعة تختص بالمؤذن الأول، وقال بعضهم: لا يجيب غير أذان مسجده الذي يصلي فيه؛ لأن ما عداه غير مدعو به، فلا يتابعه، وكذا لا يجيب إذا صلّى؛ لأنه غير مدعو به - أيضاً ـ (٧).

قالوا: والحديث محمول على الأذان المعهود في زمن النبي صلّى الله عليه وسلّم، وهو أن المؤذن واحد، ولا يمكن أن يؤذن اخر بعد أن تؤدى الصلاة.


(١) "إكمال المعلم" (٢/ ٢٥٠).
(٢) "التمهيد" للإسنوي ص (٢٨٣).
(٣) "فتاوى العز بن عبد السلام" ص (٧٨).
(٤) "فتح الباري" (٢/ ٩٢).
(٥) ص (٣٩).
(٦) "المجموع" (٣/ ١١٩).
(٧) انظر: "الإعلام بفوائد عمدة الأحكام" (٢/ ٤٧٣)، "الفروع" (١/ ٢٨١).

<<  <  ج: ص:  >  >>