وأخرجه أبو داود - أيضاً - (١٩٢٧)، من طريق حماد بن خالد، عن ابن أبي ذئب، عن الزهري، عن سالم بن عبد الله، عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما وقال فيه: بإقامة واحدة لكل صلاة. وهذا يوافق حديث جابر رضي الله عنه.
وأخرجه أيضاً (١٩٢٨) من طريق مخلد بن خالد، عن ابن أبي ذئب، عن الزهري به، وقال:(لم يناد في واحدة منهما)، ولعل الحافظ قصد بإيراد هذه الروايات بيان تعددها واختلافها ليقوم الطالب بدراستها ويعرف كيفية العمل بها.
وحديث ابن عمر رضي الله عنهما فيه اضطراب في متنه، فإن لفظه عند مسلم (بإقامة واحدة) وعند البخاري (١٦٧٣)(كل واحدة منهما بإقامة .. )، والظاهر أن مراده إقامة واحدة لكل صلاة، كما وقع عند أبي داود، وهو أولى من القول بأن ذلك وهم من بعض الرواة، أو نسيان من ابن عمر رضي الله عنهما في بعض أحواله؛ لأنه عاش طويلاً، وحج حجات كثيرة، فإنه مات سنة (٧٣) فلعله نسي ذلك، فالمعتمد في حديث ابن عمر رضي الله عنهما على ما في البخاري من أنه صلّى الله عليه وسلّم صلاهما بإقامة لكل واحدة، وكأن المؤلف نسي ذلك فلم يستحضر ما في البخاري فعزا الإقامة لكل واحدة منهما إلى أبي داود فقط مع أن ذلك في البخاري (١).
وهذا يوافق حديث جابر رضي الله عنه كما تقدم من أنه صلاهما بإقامتين، وكذا أخرج البخاري (١٦٧٢)، عن أسامة بن زيد رضي الله عنه أنه صلاهما بإقامتين، فتكون الأحاديث الثلاثة: حديث جابر، وحديث ابن عمر، عند البخاري وأبي داود، وحديث أسامة كلها قد ذكرت الإقامة لكل صلاة، إلا رواية ابن عمر عند مسلم فلم تذكر إلا إقامة واحدة، فتكون رواية مرجوحة، أو تؤول بما تقدم.
أما الأذان ففي حديث جابر رضي الله عنه أنه ذكر أذاناً واحداً لهما، وأما أسامة وابن عمر رضي الله عنهما فلم يذكرا الأذان، ففي حديث أسامة عند البخاري: (فجاء
(١) ذكره الشيخ عبد العزيز بن باز رحمه الله في شرحه على "البلوغ".