للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث / الرقم المسلسل:

وزيد بن أسلم أرسلاه إلى سعيد بن المسيب يسأله: كيف تغتسل المستحاضة؟ فقال: (تغتسل من ظهر إلى ظهر، وتتوضأ لكل صلاة، فإن غلبها الدم استثفرت بثوب) (١).

لكن قال ابن عبد البر: (كان مالك يقول: ما أرى الذي حدثني به من ظهر إلى ظهر إلا وهم) (٢)، يريد بذلك أن الصواب: من طهر إلى طهر، بالطاء المهملة، بدلاً من الظاء المشالة، وقد نقل ذلك أبو داود في سننه عن مالك.

قال ابن عبد البر: (ليس ذلك بوهم؛ لأنه صحيح عن سعيد، معروف عنه) لكن يؤيد ما قاله الإمام مالك ما رواه ابن أبي شيبة قال: حدثنا فضيل عن يحيى بن سعيد، عن القعقاع بن حكيم قال: سألت سعيد بن المسيب عن المستحاضة، فقال: (ما أحد أعلم بهذا مني، إذا أقبلت الحيضة فلتدع الصلاة، وإذا أدبرت فلتغتسل ولتغسل عنها الدم، ولتتوضأ لكل صلاة) (٣). وهذا يوافق القول الأول، وهو قول الجمهور.

والذي يظهر - والله أعلم - قول الجمهور، وهو أن الواجب أن تغتسل عند إدبار حيضتها؛ لأن هذا هو الثابت في الصحيحين، وما عدا ذلك لا تقوم به حجة على الوجوب، مع ما في اغتسالها لكل صلاة أو لكل صلاتين أو لكل يوم من المشقة العظيمة التي لا تأتي الشريعة بمثلها، ولا سيما الاغتسال في أيام الشتاء.

وأما ما ورد في صحيح مسلم من حديث عائشة في قصة أم حبيبة بنت جحش (فكانت تغتسل لكل صلاة) فهذا لا حجة فيه؛ لأنه أمر فعلته من جهة نفسها، ولم يأمرها النبي صلّى الله عليه وسلّم بذلك، بل قال لها: «امكثي قدر ما كانت تحبسك حيضتك ثم اغتسلي» وتقدم ذلك.

قال الشوكاني عن أحاديث الاغتسال لكل صلاة: (وقد صرح جماعة من الحفاظ بأنها لا تقوم بها الحجة، وعلى فرض أن بعضها يشد بعضاً فهي لا


(١) أخرجه مالك (١/ ٦٣)، ومن طريقه أبو داود (١/ ٨١) وإسناده صحيح.
(٢) "الاستذكار" (٣/ ٢٣٢).
(٣) "المصنف" (١/ ١١٩) وسنده صحيح.

<<  <  ج: ص:  >  >>