للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

شرب .. » يدل على أن هذا الحكم لا يتعدى الولوغ والشرب؛ لأن مفهوم الشرط حجة عند الأكثرين، ومفهومه أن الحكم ليس كذلك عند عدم الشرط، وقد أجاب الحافظ العراقي بأن تقييد النبي صلّى الله عليه وسلّم للولوغ خرج مخرج الغالب، لا مخرج الشرط؛ لأن الكلاب إنما تقصد الأواني غالباً لتشرب منها أو تأكل، لا لتضع أرجلها وأيديها فيها، فقيد بالولوغ لأنه الغالب من حالها (١).

ومذهب الجمهور هو الأحوط في هذه المسألة، والله أعلم.

الوجه السابع: الحديث نص في وجوب التطهير بالتراب مع الماء، لخبث نجاسة الكلب، وهو قول الشافعية والحنابلة (٢) ولا فرق بين أن يخلط الماء بالتراب حتى يتكدر الماء، أو يصب الماء على التراب، ولا يقوم غير التراب - كالأشنان، والصابون - مقامه، إلا إذا تعذر؛ لأن النص إذا ورد بشيء معين، واحتمل معنى يختص بذلك الشيء لم يجز إلغاء النصوص وترك ما عُيِّنَ فيها.

والأمر بالتراب، وإن كان يحتمل أنه لزيادة التنظيف، لكن لا يجزم بتعيين ذلك المعنى؛ لأنه يزاحمه معنى اخر وهو الجمع بين مطهرين: الماء والتراب، وهذا مفقود في الصابون أو الأشنان، والقاعدة في الأصول: أن المعنى المستنبط إذا عاد على النص بإبطال أو تخصيص فهو مردود (٣).

الوجه الثامن: ذُكِرَ موضع التراب في أحاديث الباب على أوجه متعددة، فقد ورد: «أُولاهن بالتراب»، وفي حديث ابن مغفل: «وعفروه الثامنة بالتراب»، وعند الترمذي: «أولاهن أو أخراهن»، وعند الدارقطني وغيره «إحداهن» (٤)، وعند الطحاوي (٥): «أولاها - أو السابعة - بالتراب».


(١) انظر: "طرح التثريب" (٢/ ١٢٢).
(٢) "شرح النووي على صحيح مسلم" (٣/ ١٨٩)، "نهاية المحتاج" (١/ ٢٣٦)، "الإنصاف" (١/ ٣١٠).
(٣) انظر: "الإحكام" لابن دقيق العيد (١/ ١٦١ - ١٦٢).
(٤) "السنن" (١/ ٢٤١).
(٥) "شرح معاني الآثار" (١/ ٢١).

<<  <  ج: ص:  >  >>