للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

والآداب المطلوبة، وسبب هذا كثرة وفود الكفار إلى ديار المسلمين واختلاطهم بهم وكثرة سفر المسلمين إلى ديارهم مما أذهب الغيرة، وأضعف واجب البراءة والعداوة للكافرين في قلوب كثير من الناس.

° الوجه الثالث: مفهوم النهي عن ابتدائهم بالسلام أنه لا نهي عن ردِّ السلام عليهم، وقد ورد عن ابن عمر - رضي الله عنهما - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "إذا سلم عليكم اليهود فإنما يقول أحدهم: السام عليك، فقل: وعليك" (١). وقد نقل النووي اتفاق العلماء على الرد على أهل الكتاب إذا سلموا، لكن من الفقهاء من قال بالوجوب، ومنهم من قال بالاستحباب، ومنهم من قال: لا بأس به (٢)، وأما صيغة الرد فإنه لا يقال: وعليكم السلام، بل يقال: عليكم أو وعليكم، -بالواو- وهو الأرجح. ويرى ابن القيم أن الذمي إذا قال: سلام عليكم، أن الذي تقتضيه الأدلة الشرعية وقواعد الشريعة أن يقال له: وعليكم السلام، قال: لأن هذا من باب العدل، والله يأمر بالعدل والإحسان. وقد قال تعالى: {وَإِذَا حُيِّيتُمْ بِتَحِيَّةٍ فَحَيُّوا بِأَحْسَنَ مِنْهَا أَوْ رُدُّوهَا} [النساء: ٨٦] فندب إلى الفضل، وأوجب العدل (٣).

° الوجه الرابع: يرى بعض فقهاء الشافعية جواز ابتداء الذمي بغير لفظ السلام، مثل: كيف أصبحت، كيف أمسيت، كيف حالك؟ ونحو ذلك، وقال بهذا النووي، وشيخ الإسلام ابن تيمية، والشيخ الألباني، والشيخ محمد العثيمين، يقول شيخ الإسلام ابن تيمية: (إن خاطب الذمي بكلام غير السلام مما يؤنسه به فلا بأس بذلك) (٤) لكن منهم من أطلق، ومنهم من قيد ذلك بالحاجة إليه أو بما فيه مصلحة، كالتأليف لقلبه ونحو ذلك من المقاصد؛ لأن النهي المذكور في الحديث إنما هو عن السلام، وهو عند الإطلاق إنما يراد به


(١) رواه البخاري (٢١٦٣)، ومسلم (١٧٩٨).
(٢) انظر: "تحية السلام في الإسلام" (٢/ ٥٤٤).
(٣) "أحكام أهل الذمة" (١/ ١٩٩)، وانظر: "الآداب الشرعية" (١/ ٣٦٧)، "شرح رياض الصالحين" (٤/ ٤٢٥).
(٤) "الآداب الشرعية" (١/ ٢٦٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>