للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

قال الشَّافعي: إن الثلاثة الدراهم إذا لم تكن قيمتها ربع دينار لم توجب القطع، وحديث ابن عمر - رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا - محمول على ذلك، وترك الشَّافعي حديث ابن عمر فلم يأخذ به في تقويم العروض؛ للاختلاف في ثمن المجن (١).

والقول الثالث: أن النصاب عشرة دراهم أو ما يعادلها من ذهب أو عروض، وهذا قول أبي حنيفة وأصحابه، وسفيان الثَّوري (٢)، واستدلوا بحديث ابن عمر - رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا - أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قطع في مجن، قالوا: وقد تعددت الروايات في قيمة هذا المجن، فقيل: ثلاثة دراهم أو أربعة أو خمسة أو ربع دينار، أو عشرة دراهم، والأخذ بالأكثر أرجح؛ لأن الأقل فيه شبهة عدم الجناية، والحدود تدرأ بالشبهات، والواجب الاحتياط فيما يستباح به العضو المحرم، وقد روى أَبو داود، والنَّسائي (٣) من طريق محمد بن إسحاق، عن أيوب بن موسى، عن عطاء، عن ابن عبَّاس -رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا-، قال: قطع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في مجن قيمته دينار أو عشرة دراهم.

وروى محمد بن إسحاق، عن عمرو بن شعيب، عن أبيه، عن جده، مثله (٤). وهذا من الاختلاف على محمد بن إسحاق.

والراجح قول الشَّافعي؛ لأن الأحاديث صريحة في أن النصاب ربع دينار، أما رواية ثلاثة دراهم فهي محمولة على أن الثلاثة ربع دينار، وقد تكون أكثر، وهي قضية عين لا عموم لها، فلا يجوز ترك صريح لفظه عقيم في تحديد النصاب لهذه القضية.

وأما دليل الحنفية فيجاب عنه بما يلي:

أولًا: أن الأحاديث في قيمة المجن معلولة في سندها، ومضطربة في متنها، فلا تقدم على حديث عائشة - رَضِيَ اللهُ عَنْهَا - الثابت في "الصحيحين"، ثم إن الصحيح


(١) "التمهيد" (١٤/ ٣٧٨).
(٢) "بدائع الصنائع" (٧/ ٧٧)، "عارضة الأحوذي" (٦/ ٢٢٦).
(٣) "سنن أبي داود" (٤٣٨٧)، "سنن النَّسائي" (٨/ ٨٣).
(٤) رواه النَّسائي (٨/ ٨٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>