للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث / الرقم المسلسل:

قوله: (أن جادت) من الجود، كأنها أخرجت روحها ودفعتها لله عزَّ وجلَّ. وجملة: (لقد تابت) أفادت ما خفي على عمر -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ-، فإنه نظر إلى ما صدر منها، وغفل عما ختمت به أمرها، وهو التوبة.

• الوجه الثالث: في الحديث دليل على أن حكم الزنا يثبت بالاعتراف مرة واحدة، وسبق الخلاف في ذلك.

• الوجه الرابع: في الحديث دليل على ثبوت حكم الرجم في حق الزاني المحصن بأن يرجم بالحجارة حتَّى يموت؛ لأن الرسول - صلى الله عليه وسلم - حكم برجمها، وهذا محمول على أنَّها كانت محصنة؛ لأن الأحاديث الصحيحة والإجماع يدلان على أنَّه لا يرجم غير المحصن.

• الوجه الخامس: في الحديث دليل على أن شرط استيفاء الحد أن يؤمن الحيف، فلا يتعدى إلى غير من عليه الحد، فإذا وجب الحد على حامل فلا يقام عليها حتَّى تضع، وهذا مجمع عليه بين أهل العلم، كما نقله ابن المنذر وابن حزم وابن قدامة (١)، وذلك لئلا يقتل من لا ذنب له، والله تعالى يقول: {وَلَا تَزِرُ وَازِرَةٌ وزْرَ أُخْرَى} [الأنعام: ١٦٤].

وهكذا القصاص لو وجب على امرأة وهي حبلى، فإنها تترك حتَّى تضع؛ لئلا يتعدى القتل إلى غير الجاني، وأما تأخير الحد لأجل المرض، فسيأتي - إن شاء الله تعالى - قريبًا.

• الوجه السادس: في الحديث دليل على مشروعية شَدِّ ثياب المرأة عليها عند إرادة تنفيذ الحد عليها؛ لئلا تنكشف عورتها عند اضطرابها من مس الحجارة، والجمهور على أنَّها تُرجم قاعدة، ولعل ذلك مأخوذ من كونها شدت عليها ثيابها، بل نقل بعضهم الاتفاق على ذلك.

أما الرجل فالجمهور على أنَّه يرجم قائمًا، وقال مالك: قاعدًا، وقيل: يخير الإِمام (٢).


(١) "الإجماع" ص (١٦١)، "مراتب الإجماع" ص (٢١٥)، "المغني" (١٢/ ٣٢٧).
(٢) "سبل السلام" (٤/ ٢٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>