للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وعلى هذا فيجوز العزل واستعمال ما ينظم الحمل من حبوب وغيرها إذا دعت المصلحة إلى ذلك؛ ككون المرأة مريضة، أو يضرها تتابع الحمل، أو أنها ترضع طفلها ويخاف من الضرر عليه في رضاعته وترعرعه ونشأته -مع أن المرضع قد لا تحمل- ونحو ذلك من الأعذار الفردية؛ لأن هذه أسباب عارضة، فيكون الجواز هنا ببقاء هذا السبب، بشرط ألا يترتب على ذلك ضرر، وأن تكون الوسيلة مشروعة، وألا يكون فيها عدوان على حمل قائم.

أما إن كان العزل أو استعمال ما يمنع الحمل خشية الإملاق أو الخوف من كثرة السكان أو رفض مسؤولية الأولاد وفساد التربية ونحو ذلك من الأسباب الواهية التي يذكرها أنصار تحديد النسل أو تنظيمه، فهذا لا يجوز شرعًا، وهو من دسائس أعداء الإسلام على الأمة الإسلامية؛ لتقليل عدد المسلمين وإضعافهم، حتى تكون لهم القدرة على استعمار بلاد المسلمين، واستعباد أهلها، ونهب ثرواتها في الوقت الذي هي محتاجة فيه إلى التكاثر للقدرة على النضال في سبيل نشر دينها، ونصرة عقيدتها، ومقاومة أعدائها، كما أن في الأخذ بذلك ضربًا من أعمال الجاهلية وسوء ظن بالله تعالى.

والرسول - صلى الله عليه وسلم - حث على إنجاب الأولاد وتكثير النسل، فقال: "تزوجوا الودود الولود؛ فإني مكاثر بكم الأنبياء يوم القيامة" (١)، ومعلوم أن حفظ النسل هو إحدى الكليات الخمس التي جاءت الشرائع برعايتها، وإن كثرة النسل نعمة عظيمة من نعم الله تعالى على عباده؛ وهو مما يقوي الأمة الإسلامية اجتماعيًّا واقتصاديًّا وحربيًّا، ويزيدها قوة ومنعة، فالاستجابة لدعوة أعدائنا معناها القضاء على تكاثر المسلمين وأسباب قوتهم. وفق الله المسلمين لما فيه قوتهم وعزتهم، ونَصَرَهم على أعدائهم. والله تعالى أعلم.


(١) تقدم تخريجه، وهو ثالث أحاديث كتاب "النكاح".

<<  <  ج: ص:  >  >>