للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

البيع والشراء والإجارة والهبة والنكاح ليست ألفاظًا تعبدية لا يجوز تجاوزها إلى غيرها، وإنما المرجع فيها إلى ما تعارف عليه الناس على اختلاف لغاتهم.

قالوا: إن اختلاف الرواة في نقل اللفظ يفيد شيئين:

١ - إما أن الرسول - صلى الله عليه وسلم - قد قال اللفظين جميعًا: (ملكتكها، أنكحتكها).

٢ - أو أنه قال أحدهما، ولكن الراوي عبر بهذا وهذا.

لكن يشكل على ذلك أن النبي - صلى الله عليه وسلم - لم يتكلم بهذه الألفاظ، وإنما تكلم بلفظ واحد، والباقي من تعبير الرواة بالمعنى، والظاهر أن الثابت لفظ (زوجتكها) على وفق قول الخاطب: زوجنيها؛ لأنه قلما يختلف لفظ المتعاقدين.

° الوجه العاشر: استدل بهذا الحديث من قال: بجواز جعل تعليم القرآن مهرًا في النكاح، وهو قول الشافعية، ورواية عن أحمد، اختارها بعض أصحابه، وبه قال ابن حزم (١). وذلك من قوله: "زوجناكها بما معك من القرآن" والراجح أن الباء هنا للمقابلة، وهي الداخلة على الأعواض، ويدل لذلك رواية مسلم "انطلق فقد زوجتكها، فعلمها من القرآن" كما تقدم.

والقول الثاني: أنه لا يجوز جعل تعليم القرآن مهرًا في النكاح، وهذا قول الجمهور من الحنفية، والمالكية، والحنابلة (٢)، واستدلوا بقوله تعالى: {وَأُحِلَّ لَكُمْ مَا وَرَاءَ ذَلِكُمْ أَنْ تَبْتَغُوا بِأَمْوَالِكُمْ مُحْصِنِينَ غَيرَ مُسَافِحِينَ} [النساء: ٢٤]، ووجه الاستدلال: أن الله تعالى شرط أن يكون المهر مالًا، فما لا يكون مالًا لا يكون مهرًا، فلا تصح تسميته (٣)، ولأن تعليم القرآن لا يجوز أن يقع إلا قربة لفاعله، فلم يصح أن يكون صداقًا؛ كالصلاة والصيام وغيرهما.


(١) "المهذب" (٢/ ٧٢)، "المغني" (٨/ ٨)، "المحلى" (٩/ ٤٩٤).
(٢) "المغني" (٨/ ٨)، "بدائع الصنائع" (٢/ ٢٧٧)، "حاشية الدسوقي" (٢/ ٢٠٩).
(٣) "بدائع الصنائع" (٢/ ٣٧٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>