وأما حديث أنس - رضي الله عنه - فقد أخرجه البخاري في كتاب "الزكاة"، باب "من باع ثماره أو نخله أو أرضه أو زرعه وقد وجب فيه العشر … "(١٤٨٨)، ومسلم (١٥٥٥) من طريق حميد، عن أنس - رضي الله عنه - مرفوعًا، وتمامه:"أرأيتك إن منع الله الثمرة؟ بم تستحل مال أخيك؟ "(١).
وفي سياق الحافظ للحديث وتخصيصه بالبخاري نظر، فإن الحديث عند البخاري في عدة مواضع، ليس منها هذا اللفظ.
وأما حديث أنس - رضي الله عنه - الثاني فقد أخرجه أبو داود في "البيوع"، بابٌ "في بيع الثمار قبل أن يبدو صلاحها"(٣٣٧١)، والترمذي (١٢٢٨)، وابن ماجه (٢٢١٧)، وأحمد (٢١/ ٣٧)، وابن حبان (١١/ ٣٦٩)، والحاكم (٢/ ١٩) كلهم من طريق حماد بن سلمة، عن حميد، عن أنس - رضي الله عنه -، مرفوعًا.
وهذا الحديث إسناده صحيح، رجاله رجال الشيخين، غير حماد بن سلمة فمن رجال مسلم.
* الوجه الثاني: في شرح ألفاظها:
قوله:(حتى يبدو صلاحها) مضارع منصوب بـ (حتى)، وهو بفتح الواو، غير مهموز يقال: بدا يبدو، من غير همز، بمعنى: ظهر، وبدأ يبدأ -بالهمزة-: شرع في الشيء.
وبدو الصلاح جاء تفسيره في الرواية المذكورة، وفي حديث أنس الذي بعده، وسيأتي بيانه إن شاء الله.
قوله:(نهى البائع والمبتاع) المبتاع: هو المشتري، وهذه الجملة تأكيد للمنع، وفيها إيذان بأن المنع وإن كان احتياطًا لحق الإنسان، فليس له أن يتركه مع ارتكاب النهي.
قوله:(حتى تذهب عاهته) أي: عاهة الثمر، وفي رواية الكُشْمِيهني:(عاهتها)، والعاهة: هي الآفة التي تصيب الثمر أو الزرع فتفسده أو تعيبه.
(١) هذا التمام أُعِلَّ بالإدراج، وهو أنه من كلام أنس - رضي الله عنه -. انظر: "العلل" لابن أبي حاتم (١١٢٩)، "الفصل" للخطيب (١/ ١٢٠ - ١٢٩).