للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

اشتراه قبل أن يقبضه ويحوزه إلى مكانه، وتقدم وجه النهي عن بيع السلعة قبل قبضها.

وظاهر الحديث أنه عام في كل مبيع، سواء كان طعامًا أو غيره من المنقولات، كالأمتعة، والكتب، والمواد الغذائية، والحيوانات، وغير ذلك.

فإن قوله: (السلع) لفظ عام يشمل الطعام وغيره، ومما يؤيد ذلك قول ابن عباس - رضي الله عنهما -: (أما الذي نهى عنه النبي - صلى الله عليه وسلم - فهو الطعام أن يباع قبل أن يقبض)، قال ابن عباس: (ولا أحسب كل شيء إلا مثله) (١). وهذا من تفقه ابن عباس، وهو راوي الحديث، وأعرف بمعناه.

وهذا القول بمنع بيع المنقولات حتى تقبض، هو قول الجمهور من الحنفية والشافعية والظاهرية، ورواية عن الإمام أحمد (٢)، وأضافوا -أيضًا- العقار؛ لأن القبض شرط في كل مبيع، إلا عند الحنفية فإنه إذا كان المبيع عقارًا لا يخشى هلاكه جاز بيعه قبل قبضه (٣).

وكيفية القبض إن كان منقولًا فإنه يختلف باختلاف المقبوض، فالمكيل وما يشابهه بالكيل، والصبرة والجزاف أو ما ينقل عادة كالأمتعة والكتب والمواد الغذائية والأخشاب ونحوها يكون بنقلها وتحويلها إلى مكان لا اختصاص للبائع به.

وإن كان مما يتناول باليد كالحلي والجواهر ونحوها فقبضه بتناوله، وما عدا ذلك يرجع فيه إلى العرف.

وأما قبض العقار كالأراضي والمساكن والمحلات التجارية، وكذا بيع الثمر على الشجر، فمانه يكون بالتخلية بينه وبين مشتريه يتصرف فيه، بلا مانع ولا حائل، وذلك بتسليم المفاتيح إن وجدت؛ لأن قبض العقار لا يتصور إلا بذلك فهو قبض له في العرف.


(١) أخرجه البخاري (٢١٣٥)، ومسلم (١٥٢٥).
(٢) "روضة الطالبين" (٣/ ٥١٥)، "الإنصاف" (٤/ ٤٧٠).
(٣) "الإفصاح" (١/ ٣٤٣)، "حاشية ابن عابدين" (٤/ ٥٦١)، "الإنصاف" (٤/ ٤٧١).

<<  <  ج: ص:  >  >>