للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

الوجه الثالث: في شرح ألفاظه:

قوله: (أسبغ الوضوء) بفتح الهمزة أي: بالغ في إكماله وأَوْفِ كل عضو حقه، من قولهم: درع سابغة: إذا كانت طويلة تغطي البدن، ومنه قوله تعالى: {وَأَسْبَغَ عَلَيْكُمْ نِعَمَهُ} [لقمان: ٢٠] أي: أضفاها وعممها، وقوله تعالى: {أَنِ اعْمَلْ سَابِغَاتٍ} [سبأ: ١١] أي: دروعاً سابغات.

قوله: (وخلل بين الأصابع) التخليل: تفريق أصابع اليدين والرجلين في الوضوء، وأصله: من إدخال شيء في خلل شيء، وهو وسطه، والمراد هنا: أدخل الماء بين الأصابع.

والمراد بالأصابع: أصابع اليدين والرجلين، لحديث ابن عباس رضي الله عنهما: «إذا توضأت فخلل بين أصابع يديك ورجليك» (١).

وقد ورد تفسير التخليل في حديث المستورد بن شداد الفهري قال: (رأيت النبي صلّى الله عليه وسلّم إذا توضأ دلك أصابع رجليه بخنصره (٢)). والظاهر أن المراد خنصر اليد اليسرى؛ لأن التخليل تطهير وإزالة قذر، فيشرع باليسرى على الأصل المعروف شرعاً، كما سيأتي إن شاء الله تعالى.

وأما أصابع اليدين فالأكمل في تخليلها أن يضع بطن الكف اليمنى على اليسرى، ويدخل الأصابع بعضها في بعض.

قوله: (وبالغ في الاستنشاق) أي: ابذل الجهد واستقص بإيصال الماء إلى أقصى الأنف، والاستنشاق تقدم تفسيره.


(١) أخرجه الترمذي (٣٩)، وابن ماجه (١/ ٨٧) من طريق موسى بن عقبة، عن صالح مولى التوأمة، عن ابن عباس، وصالح هذا قد اختلط في آخر عمره، ولكن موسى بن عقبة سمع منه قبل اختلاطه، وفي "علل الترمذي" ص (٣٤) أن البخاري قال: (هو حديث حسن).
(٢) أخرجه أبو داود (١٤٨)، والترمذي (٤٠)، وأخرجه أحمد (٢٩/ ٥٣٧) ولفظه: (إذا توضأ خلل أصابع رجليه بخنصره) وهذا إسناد رجاله ثقات من رجال مسلم، غير يزيد بن عمرو المعافري -فهو صدوق حسن الحديث- وغير عبد الله بن لهيعة فقد ساء حفظه -كما تقدم-، وقد توبع كما ذكر الحافظ في "التلخيص" (١/ ١٠٥) لكنها معلولة، انظر: "موسوعة أحكام الطهارة" (٩/ ٢٨١).

<<  <  ج: ص:  >  >>