للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وقد ذكر النبي صلّى الله عليه وسلّم للسواك فائدتين عظيمتين فقال: «السواك مطهرة للفم، مرضاة للرب» (١).

الوجه السابع: يستفاد مما تقدم أن السواك مسنون عند الوضوء، وعند فعل الصلاة، والسنة في هذا صريحة صحيحة، قال العيني: (فإن قلت: كيف التوفيق بين رواية: «عند كل وضوء» ورواية: «عند كل صلاة»؟ قلت: السواك الواقع عند الوضوء واقع للصلاة لأن الوضوء شرع لها) (٢).

وظاهر ذلك أن الحنفية لا يقولون بالسواك عند الصلاة، وأن الحديث فيه تقدير؛ أي: عندَ كلِّ وضوءِ صلاة، قالوا: لأن السواك من إزالة القذر، وهو لا ينبغي عمله في المسجد، ولأنه مظنة جراحة اللثة وخروج الدم، وهو ناقض عندهم، وهذا منصوص عليه في بعض كتبهم.

والصواب العمل بالسنة، وأن السواك مشروع عند الوضوء وعند القيام إلى الصلاة، وقد رد العلامة شمس الحق ابادي على بعض الحنفية، وبيّن أن الحديث لا يحتاج إلى تقدير، وأن السنة صريحة في السواك عند الصلاة (٣)، وذكر ابن الهمام الحنفي في شرح «الهداية» من مواضع استحباب السواك القيام إلى الصلاة وعند الوضوء (٤).

الوجه الثامن: هذا الحديث من أدلة الأصوليين على أن الأمر المطلق يحمل على الوجوب، ووجه الاستدلال: أن لفظ (لولا) يفيد انتفاء الأمر بالسواك لوجود المشقة على الأمة، والندب في السواك ثابت، فدل على أن الأمر لا يصدق على الندب، بل على ما فيه مشقة وهو الوجوب، والله أعلم.


(١) أخرجه النسائي (١/ ١٠)، وأحمد (٤٠/ ٢٤٠ - ٢٤١)، وابن خزيمة (١/ ٧٠)، والدارقطني (١/ ١٤٠)، والبيهقي (١/ ٣٤)، من حديث عائشة - رضي الله عنها -، وعلقه البخاري في كتاب "الصيام" (٤/ ١٥٨ "فتح")، وسنده حسن، وله طرق، وله شواهد لكنها ضعيفة.
(٢) "عمدة القارئى" (٥/ ٢٦٢).
(٣) انظر: "عون العبود" (١/ ٧٤).
(٤) "شرح فتح القدير" (١/ ٢٤، ٢٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>