ولعل الحافظ اختار لفظ أبي داود مع أن أصل الحديث في «الصحيحين» لأمرين:
الأول: أن سياقه أشمل وأتم.
الثاني: أن لفظ النهي الوارد في سياق أبي داود: «وَلَا تُكَبِّرُوا … وَلَا تَرْكَعُوا … » إلخ، لم يرد في «الصحيحين».
الوجه الثاني: في شرح ألفاظه:
قوله: (إنما جُعِلَ الإمام) أي: جعله الله تعالى، وإنما: أداة قصر، تثبت الحكم للمذكور وتنفيه عما عداه، أي: قصر وظيفة الإمام على الائتمام به في كل شيء في الأفعال والنية، وسيأتي بيان ذلك.
والإمام: نائب فاعل في محل المفعول الأول، والمفعول الثاني محذوف تقديره: إنما جُعِلَ إماماً.
قوله: (لِيُؤْتَمَّ به) أي: ليُقتدى به ويتابع، فلا يسبقه المأموم ولا يقارنه، ويؤيد ذلك رواية البخاري: «فلا تختلفوا عليه»، أي: تخالفوه بالخروج عن الائتمام به، واللام للتعليل.
قوله: (فإذا كَبَّرَ فَكَبِّرُوا) الفاء الأولى استئنافية، والثانية واقعة في جواب الشرط، وتستلزم التعقيب؛ لأن وظيفة الشرط التقدم على الجزاء، ويؤيد هذا المعنى قوله: «وَلَا تُكَبِّرُوا حَتَّى يُكَبِّرَ».
قوله: (وَلَا تُكَبِّرُوا حَتَّى يُكَبِّرَ) هذه الجملة مؤكدة لما قبلها، وذلك بإبراز المفهوم بصورة المنطوق، وكذا يقال في الجمل الآتية بلفظ النهي.
قوله: (وَإِذَا رَكَعَ) أي: وصل الركوع وتمكّن منه، وكذا قوله: (وَإِذَا سَجَدَ).
قوله: (وَإِذَا قَالَ: سَمِعَ اللهُ لِمَنْ حَمِدَهُ) أي: استجاب الله تعالى لمن وصفه بصفات الكمال محبة وتعظيماً.
قوله: (فَقُولُوا: اللَّهُمَّ رَبَّنَا لَكَ الْحَمْدُ) أي: يا ربنا، وهذه إحدى الصيغ الأربع الواردة فيما يقال بعد الرفع، وهذه الصيغة ثابتة في «الصحيحين»، وفيها