للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(ص) : (قَالَ مَالِكٌ وَإِنْ جَمَعَ الْإِمَامُ وَهُوَ مُسَافِرٌ بِقَرْيَةٍ لَا تَجِبُ فِيهَا الْجُمُعَةُ فَلَا جُمُعَةَ لَهُ وَلَا لِأَهْلِ تِلْكَ الْقَرْيَةِ وَلَا لِمَنْ جَمَعَ مَعَهُمْ مِنْ غَيْرِهِمْ وَلْيُتِمَّ أَهْلُ تِلْكَ الْقَرْيَةِ وَغَيْرُهُمْ مِمَّنْ لَيْسَ بِمُسَافِرٍ الصَّلَاةَ) .

ــ

[المنتقى]

وَرَوَاهُ ابْنُ حَبِيبٍ عَنْ مَالِكٍ.

(فَرْعٌ) وَهَلْ مِنْ شَرْطِهَا أَنْ تَكُونَ بِحَضْرَةِ مَنْ تَنْعَقِدُ بِهِمْ الْجُمُعَةُ حَكَى الْقَاضِي أَبُو مُحَمَّدٍ عَنْ شُيُوخِنَا أَنَّهُ يُجْزِئُ عَلَى الْمَذْهَبِ وَأَنَّهُ لَمْ يَجِدْ فِيهَا نَصًّا لِمَالِكٍ وَلَا لِمُتَقَدِّمِي أَصْحَابِهِ قَالَ الْقَاضِي أَبُو الْوَلِيدِ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - وَعِنْدِي أَنَّهُ نَصَّ عَلَى ذَلِكَ فِي الْمُدَوَّنَةِ بِقَوْلِهِ لَا تُجْمَعُ الْجُمُعَةُ إلَّا بِالْجَمَاعَةِ وَالْإِمَامُ يَخْطُبُ خِلَافًا لِأَبِي حَنِيفَةَ وَالدَّلِيلُ عَلَى مَا نَقُولُهُ أَنَّهُ ذِكْرٌ جُعِلَ شَرْطًا فِي صِحَّةِ الْجُمُعَةِ فَوَجَبَ أَنْ تَكُونَ مِنْ شَرْطِهِ الْجَمَاعَةُ كَتَكْبِيرَةِ الْإِحْرَامِ.

(ص) : (قَالَ مَالِكٌ وَإِنْ جَمَعَ الْإِمَامُ وَهُوَ مُسَافِرٌ بِقَرْيَةٍ لَا تَجِبُ فِيهَا الْجُمُعَةُ فَلَا جُمُعَةَ لَهُ وَلَا لِأَهْلِ تِلْكَ الْقَرْيَةِ وَلَا لِمَنْ جَمَعَ مَعَهُمْ مِنْ غَيْرِهِمْ وَلْيُتِمَّ أَهْلُ تِلْكَ الْقَرْيَةِ وَغَيْرُهُمْ مِمَّنْ لَيْسَ بِمُسَافِرٍ الصَّلَاةَ) .

(ش) : وَهَذَا كَمَا قَالَ لِأَنَّهُ لَا جُمُعَةَ لِأَحَدٍ مِنْ الْمُصَلِّينَ لِعَدَمِ شُرُوطِ الْجُمُعَةِ مِنْ الْمِصْرِ أَوْ الْقَرْيَةِ الْمَوْصُوفَةِ عَلَى مَا تَقَدَّمَ.

(فَصْلٌ) :

وَقَوْلُهُ وَلْيُتِمَّ أَهْلُ تِلْكَ الْقَرْيَةِ وَغَيْرُهُمْ مِمَّنْ لَيْسَ بِمُسَافِرٍ يَحْتَمِلُ مَعْنَيَيْنِ:

أَحَدُهُمَا: أَنْ يَعُودُوا إلَى الْإِتْمَامِ.

وَالثَّانِي: أَنْ يُتِمُّوا عَلَى مَا تَقَدَّمَ مِنْ صَلَاتِهِمْ.

وَهَذَا أَظْهَرُ مِنْ جِهَةِ اللَّفْظِ لِأَنَّهُ لَوْ أَرَادَ الْمَعْنَى الْأَوَّلَ لَقَالَ لِيُعِدْ جَمِيعُ الْمُصَلِّينَ مَعَهُ فَيُتِمَّ الْمُقِيمُ وَيَقْصُرْ الْمُسَافِرُ وَلَمَّا خَصَّ الْمُقِيمِينَ بِالذَّكَرِ كَانَ أَظْهَرَ إذْ صَلَاةُ الْمُسَافِرِينَ جَائِزَةٌ.

وَقَدْ اخْتَلَفَ أَصْحَابُنَا فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ فَرُوِيَ عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ فِي الْمُدَوَّنَةِ وَالْمَجْمُوعَةِ وَرَوَاهُ عَنْ مَالِكٍ أَنَّ الصَّلَاةَ لَا تُجْزِئُ الْإِمَامَ وَلَا أَحَدًا مِمَّنْ مَعَهُ وَرَوَى عَنْهُ أَبُو زَيْدٍ وَابْنُ الْمَوَّازِ تُجْزِئُهُ وَلَا تُجْزِي أَحَدًا مِنْ أَهْلِ الْقَرْيَةِ حَتَّى يُتِمُّوا عَلَيْهَا ظُهْرًا أَرْبَعًا وَرَوَاهُ ابْنُ نَافِعٍ عَنْ مَالِكٍ.

وَجْهُ الرِّوَايَةِ الْأُولَى أَنَّ الْإِمَامَ أَفْسَدَ صَلَاتَهُ بِتَعَمُّدِ الْجَهْرِ فِي صَلَاةِ السِّرِّ وَإِذَا فَسَدَتْ صَلَاتُهُ بِالْعَمْدِ تَعَدَّى إلَى صَلَاةِ الْجَمَاعَةِ مَعَهُ وَقَدْ قَالَ الشَّيْخُ أَبُو الْقَاسِمِ إنَّ الْجَهْرَ فِيمَا يُجْهَرُ فِيهِ وَالْإِسْرَارَ فِيمَا يُسَرُّ فِيهِ مِنْ سُنَنِ الصَّلَاةِ وَهَذَا مُقْتَضَى هَذِهِ الرِّوَايَةِ.

وَوَجْهُ الرِّوَايَةِ الثَّانِيَةِ أَنَّ تَعَمُّدَهُ لِلْجَهْرِ لَا يُفْسِدُ صَلَاتَهُ لِأَنَّهَا صِفَةٌ لِلْقِرَاءَةِ مَشْرُوعَةٌ فَلَمْ تَمْنَعْ صِحَّةَ صَلَاةِ الْإِمَامِ وَإِذَا لَمْ تَمْنَعْ صِحَّةَ صَلَاتِهِ لَمْ تَمْنَعْ صِحَّةَ صَلَاةِ مَنْ وَرَاءَهُ.

(ص) : (قَالَ مَالِكٌ وَلَا جُمُعَةَ عَلَى مُسَافِرٍ) .

(ش) : وَهَذَا كَمَا قَالَ وَذَلِكَ أَنَّ الْمُسَافِرَ عَلَى ضَرْبَيْنِ رَجُلٌ ابْتَدَأَ سَفَرَهُ يَوْمَ الْجُمُعَةِ وَرَجُلٌ مُسْتَدِيمٌ لِسَفَرِهِ فَأَمَّا مَنْ ابْتَدَأَهُ يَوْمَ الْجُمُعَةِ فَلَا يَخْلُو أَنْ يَبْتَدِئَهُ قَبْلَ الزَّوَالِ أَوْ بَعْدَ الزَّوَالِ قَبْلَ الصَّلَاةِ فَإِنْ شَرَعَ فِيهِ قَبْلَ الزَّوَالِ فَرَوَى ابْنُ وَهْبٍ وَابْنُ الْقَاسِمِ عَنْ مَالِكٍ أَنَّهُ مَكْرُوهٌ وَرَوَى عَلِيُّ بْنُ زِيَادٍ عَنْهُ لَا بَأْسَ بِهِ فَإِنْ أَنْشَأَهُ قَبْلَ الزَّوَالِ وَقَبْلَ الصَّلَاةِ فَهُوَ مَمْنُوعٌ خِلَافًا لِبَعْضِ أَصْحَابِ أَبِي حَنِيفَةَ وَالدَّلِيلُ عَلَى مَا نَقُولُهُ قَوْله تَعَالَى {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نُودِيَ لِلصَّلاةِ} [الجمعة: ٩] الْآيَةَ وَالْأَمْرُ بِالشَّيْءِ يَقْتَضِي وُجُوبَهُ وَتَحْرِيمَ تَرْكِهِ.

(مَسْأَلَةٌ) :

فَإِنْ خَرَجَ مِنْ مَنْزِلِهِ يَوْمَ الْجُمُعَةِ فَأَذَّنَ لِصَلَاةِ الْجُمُعَةِ قَبْلَ أَنْ يَكُونَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ مَوْضِعِ الْجُمُعَةِ ثَلَاثَةُ أَمْيَالٍ فَالظَّاهِرُ مِنْ الْمَذْهَبِ أَنَّهُ يَجِبُ عَلَيْهِ الرُّجُوعُ لِأَنَّهُ قَدْ نُودِيَ لِلصَّلَاةِ وَهُوَ مِنْ أَهْلِ الْجُمُعَةِ بِمَوْضِعٍ يَلْزَمُ مِنْهُ إتْيَانُ الْجُمُعَةِ كَمَا لَوْ كَانَ بِالْمِصْرِ.

(مَسْأَلَةٌ) :

وَأَمَّا مَنْ كَانَ مُسْتَدِيمًا لِسَفَرِهِ فَلَا جُمُعَةَ عَلَيْهِ وَإِنْ كَانَ بِمَوْضِعِ الْجُمُعَةِ وَالدَّلِيلُ عَلَى ذَلِكَ أَنَّ السَّفَرَ عُذْرٌ يُبِيحُ الْفِطْرَ لِلصَّائِمِ فَوَجَبَ أَنْ يَسْقُطَ فَرْضُ الْجُمُعَةِ كَالْمَرَضِ.

(مَسْأَلَةٌ) :

وَأَمَّا إنْ كَانَ الْمُسَافِرُ وَارِدًا عَلَى مَوْضِعِ اسْتِيطَانِهِ فَإِنْ عَلِمَ أَنَّهُ يُدْرِكُ الْجُمُعَةَ بِمِصْرِهِ فَلْيُؤَخِّرْ الصَّلَاةَ حَتَّى يُصَلِّيَ الْجُمُعَةَ فَإِنْ عَجَّلَ فَصَلَّى الظُّهْرَ لَمْ يُجْزِهِ لِأَنَّ فَرْضَهُ الْجُمُعَةُ وَإِنْ ظَنَّ أَنَّهُ لَا يُدْرِكُ الْجُمُعَةَ فَصَلَّى الظُّهْرَ فَاَلَّذِي رَوَاهُ ابْنُ الْمَوَّازِ عَنْ مَالِكٍ إنْ أَدْرَكَ رَكْعَةً مِنْ صَلَاةِ الْجُمُعَةِ مَعَ الْإِمَامِ فَعَلَيْهِ أَنْ يَأْتِيَهَا قَالَ ابْنُ الْمَاجِشُونِ لِأَنَّهُ صَارَ مِنْ أَهْلِ الْجُمُعَةِ فَانْتَقَضَ مَا كَانَ صَلَّى مِنْ الظُّهْرِ.

وَقَالَ أَشْهَبُ إنْ كَانَ صَلَّى الظُّهْرَ فِي جَمَاعَةٍ فَالْأُولَى فَرْضُهُ وَكَانَ يَنْبَغِي لَهُ أَنْ لَا يَأْتِيَ الْجُمُعَةَ وَإِنْ كَانَ صَلَّى الْأُولَى فَذَا كَانَ لَهُ أَنْ يُعِيدَهَا جُمُعَةً ثُمَّ اللَّهُ أَعْلَمُ بِصَلَاتِهِ وَلَوْ أَدْرَكَ مِنْ الْجُمُعَةِ رَكْعَةً أَضَافَ إلَيْهَا أُخْرَى.

وَقَالَ سَحْنُونٌ فِي كِتَابِ ابْنِهِ إنْ كَانَ

<<  <  ج: ص:  >  >>