. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
[المنتقى]
الْأَوَّلِ إنَّمَا لَزِمَتْهُ الْهِبَةُ بِالْقَبْضِ؛ لِأَنَّهُ ضَامِنٌ لِمَا ذَهَبَ مِنْهَا، وَكَذَلِكَ تَكُونُ الزِّيَادَةُ لَهُ فَيَمْنَعُهُ مِنْ الرَّدِّ كَالْبَيْعِ، وَوَجْهُ الْقَوْلِ الثَّانِي أَنَّ الْعَقْدَ لَمَّا كَانَ لَازِمًا فِي جَنْبَةِ الْمُعْطِي دُونَ الْمُعْطَى وَكَانَتْ الزِّيَادَةُ لِلْمُعْطَى كَانَ لَهُ تَرْكُهَا وَيَرُدُّ الْعَطِيَّةَ، وَأَمَّا النَّقْصُ فَهُوَ إتْلَافُ بَعْضِ الْعَطِيَّةِ فَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَرُدَّهَا نَاقِصَةً فَلَزِمَتْهُ بِالنُّقْصَانِ دُونَ الزِّيَادَةِ.
١ -
(مَسْأَلَةٌ) :
وَأَمَّا حَوَالَةُ الْأَسْوَاقِ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ وَأَشْهَبَ فَلَيْسَتْ بِفَوْتٍ، وَقَالَ أَصْبَغُ اخْتِلَافُ الْأَسْوَاقِ فِيهَا فَوْتٌ، وَقَدْ رَوَى ابْنُ الْمَوَّازِ عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ أَنَّ الْفَوْتَ فِيهَا كَالْفَوْتِ فِي الْبَيْعِ الْفَاسِدِ فِي الْعُرُوضِ وَالْحَيَوَانِ وَالرُّبَاعِ، وَوَجْهُ الْقَوْلِ الثَّانِي أَنَّ الْهِبَةَ لِلثَّوَابِ تَئُولُ إلَى اللُّزُومِ بِالْقِيمَةِ فَكَانَ تَغَيُّرُ الْأَسْوَاقِ مُفِيتًا لَهَا كَالْبَيْعِ الْفَاسِدِ، وَوَجْهُ الْقَوْلِ الْأَوَّلِ أَنَّ هَذِهِ هِبَةٌ يَجُوزُ رَدُّهَا فَلَمْ يُمْنَعْ رَدُّهَا حَوَالَةَ الْأَسْوَاقِ كَهِبَةِ الْأَبِ لِابْنِهِ عَلَى وَجْهِ الِاعْتِصَارِ.
١ -
(مَسْأَلَةٌ) :
وَالْبَيْعُ فَوْتٌ فَإِنْ رَجَعَتْ إلَى الْمُعْطِي قَبْلَ أَنْ تُحَوَّلَ الْأَسْوَاقُ فَهُوَ فَوْتٌ وَلَا رَدَّ لَهُ رَوَاهُ ابْنُ الْمَوَّازِ وَوَجْهُهُ عَلَى قَوْلِ أَشْهَبَ فِي الْبَيْعِ الْفَاسِدِ بَيِّنٌ وَاضِحٌ، وَأَمَّا عَلَى قَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ فَإِنَّ مَا تَفُوتُ بِهِ هِبَةُ الثَّوَابِ فَمَا يُتِمُّ بِهِ الْعَقْدُ الصَّحِيحُ وَيَكْمُلُ بِالْقَبُولِ مَعَ الْإِيجَابِ فِي الْبَيْعِ الصَّحِيحِ، وَأَمَّا الْبَيْعُ الْفَاسِدُ فَإِنَّهُ لَا يَتِمُّ بِهِ الْبَيْعُ، وَإِنَّمَا يَرُدُّهُ عَمَّا عُقِدَ عَلَيْهِ إلَى وَجْهٍ مِنْ الصِّحَّةِ لِعَدَمِ الرَّدِّ وَتَعَذُّرِهِ، وَلَوْ أَمْكَنَ ذَلِكَ لَمَا وَجَبَ إمْضَاؤُهُ فَعَلَى هَذَا مَتَى وُجِدَ مَا يَفُوتُ بِهِ هِبَةُ الثَّوَابِ وَتَجِبُ بِهِ الْقِيمَةُ فَقَدْ لَزِمَ الْعَقْدُ وَتَمَّ وَلَا يَثْبُتُ بِخِيَارِ الرَّدِّ زَوَالُ مَا فَاتَ بِهِ وَلَا عَدَمُهُ، وَلِذَلِكَ لَوْ الْتَزَمَ قِيمَتَهَا قَبْلَ الْفَوَاتِ لَزِمَتْهُ الْقِيمَةُ، وَلَوْ الْتَزَمَ ذَلِكَ فِي الْبَيْعِ الْفَاسِدِ لَمْ يَلْزَمْهُ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ وَأَحْكَمُ، وَوَجْهُ ذَلِكَ أَنَّهُ مِمَّا يَفُوتُ بِهِ الْبَيْعُ الْفَاسِدُ فَفَاتَتْ بِهِ هِبَةُ الثَّوَابِ كَالزِّيَادَةِ وَالنَّقْصِ.
(مَسْأَلَةٌ) :
الْمَوْهُوبُ لَهُ لِأَهْبِيَتِهَا فَالْوَاهِبُ أَحَقُّ بِهَا كَالْبَيْعِ إلَّا أَنْ يَشَاءَ الْغُرَمَاءُ أَنْ يُعْطُوهُ قِيمَتَهَا وَرَأَيْت لِبَعْضِ أَصْحَابِنَا أَنَّ الْقِيمَةَ قِيمَتُهَا يَوْمَ الْهِبَةِ قَالَهُ ابْنُ الْقَاسِمُ.
(مَسْأَلَةٌ) :
وَمَنْ وَهَبَ جَارِيَةً لِلثَّوَابِ فَوَطِئَهَا الْمَوْهُوبُ فَذَلِكَ فَوْتٌ يُوجِبُ عَلَيْهِ الْقِيمَةُ، وَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ فِي الْعُتْبِيَّةِ رَوَى ابْنُ حَبِيبٍ عَنْ مُطَرِّفٍ وَابْنِ الْمَاجِشُونِ أَنَّهُ إذَا غَابَ عَلَيْهَا فَقَدْ لَزِمَهُ الثَّوَابُ، وَإِنْ لَمْ يَطَأْهَا وَلَمْ تَتَغَيَّرْ.
١ -
(فَصْلٌ) :
وَقَوْلُهُ فَقَدْ لَزِمَتْهُ قِيمَتُهَا يَوْمَ قَبْضِهَا يُرِيدُ أَنَّهُ لَيْسَ لِلْمَوْهُوبِ رَدُّهَا إنْ اخْتَارَ ذَلِكَ وَلَيْسَ ذَلِكَ لِلْوَاهِبِ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ إلَّا أَنْ يَجْتَمِعَا عَلَى رَدِّهَا قَالَ مُطَرِّفٌ، وَذَلِكَ أَنَّنَا إذَا قُلْنَا: إنَّهَا تَلْزَمُ الْوَاهِبَ بِاللَّفْظِ فَإِنَّهَا إذَا فَاتَتْ لَزِمَتْهُمَا جَمِيعًا وَإِنْ قُلْنَا لَا تَلْزَمُ الْوَاهِبَ بِاللَّفْظِ فَلَا خِلَافَ أَنَّهَا بِالْفَوَاتِ قَدْ لَزِمَتْهُمَا، وَإِنْ وُجِدَ الِاخْتِلَافُ فِيمَا تَفُوتُ بِهِ فَإِذَا اتَّفَقَا بَعْدَ الْفَوَاتِ عَلَى الرَّدِّ فَإِنَّ ذَلِكَ لِمَعْنَى الْإِقَالَةِ فِي الْبَيْعِ.
١ -
(مَسْأَلَةٌ) :
فَإِنْ اتَّفَقَا عَلَى الرَّدِّ جَازَ ذَلِكَ وَكَيْفَ صِفَتُهُ قَالَ مُحَمَّدٌ بَعْدَ مَعْرِفَتِهِمَا بِمَا لَزِمَ الْمُعْطِي مِنْ الْقِيمَةِ ثُمَّ رَجَعَ مُحَمَّدٌ فَقَالَ: يَجُوزُ إذَا رَضِيَا بِرَدِّهَا وَإِنْ لَمْ يَعْرِفْ الْقِيمَةَ؛ لِأَنَّهَا هِبَةٌ إلَّا أَنْ يُوَجِّهَهَا لَهُ عَلَى قِيمَتِهَا يُرِيدُ أَنْ يُثِيبَهَا مِنْهُ بِالْقِيمَةِ الْمَجْهُولَةِ وَجْهُ الْقَوْلِ الْأَوَّلِ مَا احْتَجَّ بِهِ مُحَمَّدٌ أَنَّ الْقِيمَةَ مَجْهُولَةٌ فَلَا تَجُوزُ الْمُعَاوَضَةُ بِهَا، وَوَجْهُ الْقَوْلِ الثَّانِي وَهُوَ قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ إنْ رَدَّهَا فُسِخَ الْعَقْدُ الْأَوَّلُ فَلَمْ يَحْتَجْ إلَى مَعْرِفَةِ الْقِيمَةِ كَالرَّدِّ بِالْعَيْبِ بَعْدَ فَوَاتِ السِّلْعَةِ بِالْقَبْضِ فَإِنَّ لَهُ إمْسَاكُهَا بِمَا يَلْزَمُهُ مِنْ الْيَمِينِ بَعْدَ طَرْحِ مَا يَنُوبُ قِيمَةَ الْعَبْدِ مِنْ الثَّمَنِ قَبْلَ الْعِلْمِ بِمَا يَلْزَمُهُ مِنْ الْيَمِينِ بَعْدَ طَرْحِ مَا يَنُوبُ قِيمَةَ الْعَيْبِ مِنْ الثَّمَنِ قَبْلَ الْعِلْمِ بِمَا يَلْزَمُهُ بَعْدَ التَّفْوِيضِ فَبِأَنْ يَجُوزَ ذَلِكَ مِمَّا لَا يَحْتَاجُ إلَى تَقْوِيمٍ وَاحِدٍ أَوْلَى وَأَحْرَى.
(فَصْلٌ) :
وَقَوْلُهُ فَإِنَّ عَلَى الْمَوْهُوبِ لَهُ أَنْ يُعْطِيَهُ قِيمَتَهَا يَوْمَ قَبْضِهَا قَالَ مُحَمَّدٌ وَيَوْمَ قَبْضِهَا أَصْوَبُ، وَجْهُ الرِّوَايَةِ الْأُولَى أَنَّ الْعُقُودَ الَّتِي لَا تَلْزَمُ وَلَا تَئُولُ إلَى التَّمْلِيكِ بِزِيَادَةٍ، أَوْ نُقْصَانٍ فَإِنَّمَا يُرَاعَى يَوْمَ الْقَبْضِ قِيمَةُ الْمَعْقُودِ عَلَيْهِ كَالْبَيْعِ الْفَاسِدِ؛ لِأَنَّ الْمُعْطَى إنَّمَا ضَمِنَهَا بِالْقَبْضِ، وَوَجْهُ الرِّوَايَةِ الثَّانِيَةِ أَنَّ الْهِبَةَ قَدْ لَزِمَتْ