للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

[المنتقى]

دُونَ الزَّوْجَةِ فَسُكْنَى الزَّوْجَةِ مَعَ بَقَاءِ الزَّوْجِ لَيْسَ بِيَدٍ لَهَا، وَإِنَّمَا الْيَدُ لِلزَّوْجِ فِي الْمَسْكَنِ فَلِذَلِكَ صَحَّ أَنْ يَحُوزَهَا الزَّوْجُ مَعَ بَقَاءِ الزَّوْجَةِ فِيهَا وَلَمْ يَصِحَّ أَنْ تَحُوزَهَا الزَّوْجَةُ مَعَ بَقَاءِ الزَّوْجِ فِيهَا وَمِثْلُ هَذَا أَنْ يَخَافَ الْوَاهِبُ فَيَخْتَفِي عِنْدَ الْمَوْهُوبِ لَهُ فِي تِلْكَ الدَّارِ، أَوْ يُضَيِّفُهُ الْمَوْهُوبُ لَهُ فَيَمْرَضُ فِيهَا وَيَمُوتُ فَإِنَّ ذَلِكَ لَا يُبْطِلُ الْحِيَازَةَ قَالَهُ ابْنُ الْمَوَّازِ زَادَ ابْنُ حَبِيبٍ عَنْ مُطَرِّفٍ وَابْنِ الْمَاجِشُونِ، وَإِنْ كَانَ ذَلِكَ بَعْدَ حِيَازَةِ الْمُعْطَى بِيَوْمٍ؛ لِأَنَّ هَذَا لَيْسَ بِسُكْنَى فِي الْحَقِيقَةِ.

(مَسْأَلَةٌ) :

فَإِنْ رَجَعَ إلَيْهَا عَلَى وَجْهِ السُّكْنَى بِاكْتِرَاءٍ، أَوْ إرْفَاقٍ فَإِنْ كَانَ رَجَعَ إلَيْهَا بَعْدَ الْمُدَّةِ الْقَرِيبَةِ مِمَّا يَرَى أَنَّهُ قَصَدَ إلَى أَنْ لَا يُخْرِجَهُ مِنْهَا فَاتَّفَقَ أَصْحَابُنَا عَلَى إبْطَالِ الصَّدَقَةِ، وَأَمَّا بَعْدَ طُولِ الْمُدَّةِ فَاَلَّذِي رَوَى ابْنُ الْمَوَّازِ عَنْ مَالِكٍ وَأَصْحَابِهِ أَنَّهُ إذَا سَكَنَهَا بَعْدَ أَنْ حَازَهَا الْمُعْطَى السَّنَةَ فَأَكْثَرَ فَإِنَّ ذَلِكَ لَا يُبْطِلُ الْهِبَةَ وَرَوَى ابْنُ حَبِيبٍ عَنْ مُطَرِّفٍ وَابْنِ الْمَاجِشُونِ أَنَّهُ إذَا رَجَعَ إلَيْهَا الْمُعْطَى بِاكْتِرَاءٍ، أَوْ إسْكَانٍ بَعْدَ حِيَازَةِ الْمُعْطَى الْمُدَّةَ الطَّوِيلَةَ وَمَاتَ فِيهَا فَإِنَّ الصَّدَقَةَ تَبْطُلُ وَجْهُ الْقَوْلِ الْأَوَّلِ أَنَّ الْمُعْطَى إذَا كَانَ مَالِكٌ أَمَرَهُ وَحَازَ لِنَفْسِهِ حِيَازَةً بَيِّنَةً تَبْعُدُ فِيهِ التُّهْمَةُ فَقَدْ صَحَّتْ الْهِبَةُ وَكَمُلَتْ فَلَا يَضُرُّهَا مَا حَدَثَ بَعْدَ ذَلِكَ مِنْ سُكْنَى الْمُعْطَى، وَوَجْهُ قَوْلِ ابْنِ الْمَاجِشُونِ أَنَّ رُجُوعَ الْوَاهِبِ فِيمَا وَهَبَ مِمَّا كَانَ عَلَيْهِ مِنْ السُّكْنَى وَمَوْتُهُ فِيهَا عَلَى ذَلِكَ يُبْطِلُ الْحِيَازَةَ أَصْلُ ذَلِكَ إذَا كَانَ الْمَوْهُوبُ لَهُ صَغِيرًا، وَأَمَّا إنْ كَانَ الِابْنُ صَغِيرًا فَحَازَ عَلَيْهِ الْأَبُ، أَوْ غَيْرُهُ ثُمَّ رَجَعَ الْأَبُ إلَيْهَا قَبْلَ أَنْ يَكْبُرُوا وَيَحُوزُونَ لِأَنْفُسِهِمْ سَنَةً فَهِيَ بَاطِلَةٌ قَالَ ابْنُ الْمَوَّازِ لَا يَخْتَلِفُ فِي ذَلِكَ قَوْلُ مَالِكٍ وَأَصْحَابِهِ، وَوَجْهُ ذَلِكَ أَنَّ الْكَبِيرَ الْحَائِزَ لِنَفْسِهِ يَقْدِرُ عَلَى مَنْعِ الْأَبِ الْوَاهِبِ مِنْ ذَلِكَ فَلَا يُعَدُّ رُجُوعُهُ إلَيْهَا رُجُوعًا فِي هِبَتِهِ وَالصَّغِيرُ لَا يَقْدِرُ عَلَى ذَلِكَ وَلَيْسَتْ حِيَازَةُ الْأَبِ حِيَازَةً تَامَّةً؛ لِأَنَّهُ قَدْ يَطْرَأُ الْفَسَادُ فَلِذَلِكَ تَبْطُلُ الْهِبَةُ بِرُجُوعِ الْأَبِ إلَيْهَا.

(مَسْأَلَةٌ) :

فَأَمَّا إنْ كَانَ لَا يَسْكُنُهَا الْوَاهِبُ فَحُكْمُهَا حُكْمُ الْأَرَضِينَ غَيْرَ أَنَّهَا تَخْتَصُّ بِالْغَلْقِ وَالْقَفْلِ عَلَيْهَا فَإِنْ فَعَلَ ذَلِكَ الْحَائِزُ فِيهَا فَهُوَ تَمَامُ الْحِيَازَةِ لَهَا.

وَقَدْ رَوَى يَحْيَى بْنُ يَحْيَى عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ فِيمَنْ تَصَدَّقَ عَلَى رَجُلٍ بِدَارٍ فَدَفَعَ مِفْتَاحَهَا إلَيْهِ وَبَرِئَ مِنْهَا أَنَّ تِلْكَ حِيَازَةٌ، وَإِنْ لَمْ يَسْكُنْهَا الْمُعْطَى وَلَا أَسْكَنَهَا، وَإِنْ لَمْ يَفْعَلْ ذَلِكَ فَقَدْ أَجْمَعَ أَصْحَابُنَا عَلَى أَنَّ حِيَازَةَ الْأَبِ الْوَاهِبِ ابْنَهُ الصَّغِيرَ فِيهَا بِالْإِشْهَادِ خَاصَّةً، وَذَلِكَ عِنْدِي بِمَا يَتَعَلَّقُ بِهَا مِنْ السُّكْنَى بِالِاكْتِرَاءِ أَوْ الِانْتِفَاعِ الدَّائِمِ بِهَا، وَلَوْ كَانَتْ مُهْمَلَةً غَيْرَ مُغْلَقَةٍ وَلَا يُنْتَفَعُ بِهَا فِي كِرَاءٍ وَلَا غَيْرِهِ لَرَأَيْت أَنَّ حُكْمَهَا حُكْمُ الْأَرْضِ الَّتِي لَمْ تُزْرَعْ فِي إبَّانِ زِرَاعَتِهَا وَاَللَّهُ أَعْلَمُ وَأَحْكَمُ.

١ -

(مَسْأَلَةٌ) :

وَأَمَّا الْحَيَوَانُ وَكُلُّ مَا يُنْقَلُ وَيُحَوَّلُ فَإِنَّ الْحِيَازَةَ فِيهِ بِأَنْ يَقْبِضَهُ الْمُعْطَى وَيُخْرِجَهُ عَنْ يَدِ الْمُعْطِي وَانْتِفَاعِهِ بِهِ فَإِنْ كَانَ ثَوْبًا مُنِعَ الْمُعْطِي مِنْ لُبْسِهِ وَانْفَرَدَ الْمُعْطَى بِلُبْسِهِ وَإِمْسَاكِهِ، وَإِنْ كَانَ مِنْ الْمَتَاعِ الَّذِي يُسْتَعْمَلُ وَالرَّقِيقِ الَّذِي يُسْتَخْدَمُ فَقَبْضُهُ أَنْ يُمْنَعَ الْمُعْطِي مِنْ اسْتِعْمَالِهِ عَلَى وَجْهٍ يَنْفَرِدُ بِهِ، وَلَوْ وَهَبَ أَحَدُ الزَّوْجَيْنِ الْآخَرَ خَادِمًا، أَوْ مَتَاعًا مِنْ مَتَاعِ الْبَيْتِ فَقَدْ رَوَى ابْنُ الْقَاسِمِ عَنْ مَالِكٍ فِي الْعُتْبِيَّةِ وَالْمَوَّازِيَّةِ فِيمَنْ تَصَدَّقَ عَلَى امْرَأَتِهِ بِخَادِمٍ وَهِيَ مَعَهُ فِي الْبَيْتِ تَخْدُمُهَا بِحَالِ مَا كَانَتْ فَذَلِكَ جَائِزٌ.

وَقَالَ ابْنُ الْمَوَّازِ عَنْ ابْنِ عَبْدِ الْحَكَمِ وَابْنِ الْقَاسِمِ عَنْ مَالِكٍ، وَكَذَلِكَ مَتَاعُ الْبَيْتِ وَبِهِ أَقُولُ، وَقَالَ أَشْهَبُ فِي الْكِتَابَيْنِ إذَا أَشْهَدَ لَهَا بِهَذِهِ الْخَادِمِ فَتَكُونُ عِنْدَهَا كَمَا كَانَتْ فِي خِدْمَتِهَا فَهَذَا إلَى الضَّعْفِ وَمَا هُوَ بِالْبَيِّنِ، وَكَذَلِكَ لَوْ وَهَبَتْهُ هِيَ خَادِمَهَا وَمَتَاعًا فِي الْبَيْتِ فَأَقَامَ ذَلِكَ عَلَى حَالِهِ بِأَيْدِيهِمَا فَهُوَ ضَعِيفٌ، وَجْهُ رِوَايَةِ ابْنِ الْقَاسِمِ أَنَّ الْمُعْطَى يَصِحُّ مِنْهُ الْقَبْضُ لِلْخَادِمِ وَالْمَتَاعِ وَالْحِيَازَةُ لِمَا كَانَ لَهُ حَظٌّ مِنْ الْيَدِ فِي ذَلِكَ الْمَكَانِ وَتَصَرُّفُهُ فِيمَا لَا يَلْزَمُ الْمُعْطَى بِخِلَافِ الدَّارِ إنْ سَكَنَتْ الزَّوْجَةُ فِيهَا عَلَى الْوَجْهِ الَّذِي يَلْزَمُ الزَّوْجَ إسْكَانُهَا عَلَيْهِ، وَوَجْهُ رِوَايَةِ أَشْهَبَ أَنَّ الْهِبَةَ عَلَى الصُّورَةِ الَّتِي كَانَتْ عَلَيْهَا قَبْلَ الْعَطِيَّةِ فَلَا يَصِحُّ فِيهَا حِيَازَةٌ إلَّا بِتَغَيُّرِهَا عَمَّا كَانَتْ عَلَيْهِ بِالنَّقْلِ إلَى مَا يَنْفَرِدُ بِهِ الْمُعْطَى

<<  <  ج: ص:  >  >>