. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
[المنتقى]
مَالِكٍ وَذَلِكَ أَنَّ التَّنَاجُزَ وُجِدَ قَبْلَ التَّفَرُّقِ وَلَوْ أَرَادَ أَنْ يُؤَخِّرَهُ بِقَدْرِ ذَلِكَ النَّقْصِ لَمْ يَجُزْ فَإِنْ تَفَرَّقَا قَبْلَ أَنْ يُسْتَوْفَى ذَلِكَ النَّقْصُ فَاَلَّذِي قَالَهُ أَصْبَغُ يَنْتَقِضُ الصَّرْفُ كُلُّهُ وَلَوْ نَقَصَتْ مِنْهُ حَبَّةٌ وَبِهِ قَالَ مُحَمَّدٌ وَحَكَى ابْنُ الْقَاسِمِ أَنَّهُ جَائِزٌ لَا يُنْتَقَضُ مِنْهُ إلَّا بِمِقْدَارِ ذَلِكَ النَّقْصِ إلَى تَمَامِ دِينَارٍ وَجْهُ قَوْلِ أَصْبَغَ أَنَّ الْعَقْدَ إذَا دَخَلَ بَعْضَهُ الْفَسَادُ بِتَأَخُّرِ الْقَبْضِ تَعَدَّى إلَى مَا قُبِضَ كَمَا لَوْ عَقَدَا عَلَى ذَلِكَ الصَّرْفَ وَوَجْهُ مَا قَالَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ أَنَّ تَأَخُّرَ الْقَبْضِ بَعْدَ الْتِزَامِ الْعَقْدِ لَا يَتَعَدَّى إلَى جَمِيعِ الْعَقْدِ كَالْعَيْبِ يَحُدُّهُ بِبَعْضِ الدَّرَاهِمِ.
(مَسْأَلَةٌ) :
فَأَمَّا إنْ وَجَدَ النَّقْصَ بَعْدَ التَّفَرُّقِ وَذَلِكَ لِسَرِقَةِ الصَّيْرَفِيِّ فَأَرَادَ أَنْ يُطَالِبَ بِهِ فَلَا خِلَافَ عَلَى الْمَذْهَبِ أَنَّ النَّقْصَ يَلْحَقُ الْعَقْدَ وَإِنْ أَرَادَ تَرْكَ النَّقْصِ وَصَحِيحَ الْعَقْدِ فَرَوَى ابْنُ وَهْبٍ وَابْنُ عَبْدِ الْحَكَمِ أَنَّ ذَلِكَ جَائِزٌ وَرَوَى ابْنُ الْمَوَّازِ عَنْ مَالِكٍ أَنَّ ذَلِكَ لَا يَجُوزُ وَإِنْ قَلَّ وَرَوَيَا عَنْهُ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ فِي الْكَثِيرِ وَاخْتَارَهُ أَصْبَغُ وَجْهُ رِوَايَةِ الْجَوَازِ أَنَّهُ نَقْصٌ وُجِدَ فِي عِوَضِ الصَّرْفِ فَلَا يَمْنَعُ صِحَّةَ الْعَقْدِ مَعَ تَرْكِ الْمُطَالَبَةِ لَهُ كَنَقْصِ الصِّفَةِ وَوَجْهُ الْمَنْعِ عَلَى الْإِطْلَاقِ أَنْ تَأَخُّرَ الْعِوَضِ فِي الصَّرْفِ يَمْنَعُ الصِّحَّةَ فِي الْعَقْدِ كَمَا لَوْ عَلِمَ بِالنَّقْصِ فَأَخَّرَهُ وَلَا نَاقِدَ أَجْمَعْنَا عَلَى أَنَّهُ لَوْ طَلَبَ النَّقْضَ لَفَسَدَ الْعَقْدُ وَلَمْ يَمْنَعْ مِنْ ذَلِكَ عَدَمُ عِلْمِهِ بِالنَّقْصِ وَكَذَلِكَ إذَا تَرَكَهُ وَوَجْهُ الْفَرْقِ بَيْنَ الْقَلِيلِ وَالْكَثِيرِ أَنَّ الْقَلِيلَ غَيْرُ مَقْصُودٍ وَمَعْلُومٌ فِي الْأَغْلَبِ أَنَّ مِثْلَ هَذَا لَا يُطْلَبُ وَلَا تَتْبَعُهُ النَّفْسُ فَكَأَنَّهُ لَمَّا لَمْ يَبْقَ لَهُ إلَّا مَا جَرَتْ الْعَادَةُ بِتَرْكِهِ وَالتَّسَامُحِ بِهِ قَبَضَ جَمِيعَهُ؛ لِأَنَّ مَا نَقَصَهُ لَوْ عَلِمَ بِهِ لَتَرَكَهُ فَكَذَلِكَ إذَا تَرَكَهُ الْآنَ وَهُوَ مَحْمُولٌ عَلَى ذَلِكَ، وَأَمَّا الْكَثِيرُ فَإِنَّهُ مِمَّا جَرَتْ الْعَادَةُ بِطَلَبِهِ فَإِنَّمَا يَكُونُ تَارِكًا لَهُ الْآنَ وَقَدْ وُجِدَ الْفَسَادُ فِي الْعَقْدِ بِالتَّفَرُّقِ قَبْلَ قَبْضِهِ أَوْ تَرْكِهِ.
(فَرْعٌ) فَإِذَا قُلْنَا بِالتَّفْرِيقِ بَيْنَ الْيَسِيرِ وَالْكَثِيرِ فَكَمْ الْيَسِيرُ رَوَى أَبُو زَيْدٍ عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ فِي الْعُتْبِيَّةِ أَنَّ الدَّانَقَ فِي صَرْفِ الدِّينَارِ يَسِيرٌ وَقَالَ أَصْبَغُ هُوَ أَنْ يَنْقُصَ أَلْفُ دِرْهَمٍ دِرْهَمًا، وَأَمَّا صَرْفُ الدِّينَارِ فَمَا نَقَصَ مِنْهُ مِنْ قَلِيلٍ أَوْ كَثِيرٍ فَهُوَ كَثِيرٌ يَنْتَقِضُ الصَّرْفَ مَا لَمْ يَكُنْ مِنْ اخْتِلَافِ الْمَوَازِينِ الَّتِي لَمْ تَجْرِ الْعَادَةُ بِاتِّبَاعِهِ وَلَا طَلَبِهِ وَإِذَا قُلْنَا إنَّهُ يُنْتَقَضُ فَقَالَ أَصْبَغُ يُنْتَقَضُ كُلُّهُ وَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ يُنْتَقَضُ مِنْهُ مَا بَيْنَ النَّقْصِ وَكَمَالِ الدِّينَارِ.
١ -
(فَصْلٌ) :
، وَأَمَّا النَّقْصُ مِنْ جِهَةِ الصِّفَةِ كَالْعَيْبِ يَجِدُهُ فِي أَحَدِ عِوَضَيْ الصَّرْفِ فَإِنَّهُ لَا خِلَافَ عَلَى الْمَذْهَبِ نَعْلَمُهُ أَنَّ مَنْ وَجَدَ ذَلِكَ وَرَضِيَ بِهِ فَإِنَّ عَقْدَهُ لَا يَفْسُدُ بِهِ فَإِنْ أَرَادَ رَدَّهُ فَهَلْ لَهُ ذَلِكَ أَمْ لَا الْمَشْهُورُ مِنْ الْمَذْهَبِ أَنَّ الْبَدَلَ فِيهِ غَيْرُ جَائِزٍ وَالصَّرْفَ فِيهِ مُنْتَقَضٌ وَقَالَ ابْنُ وَهْبٍ مِنْ أَصْحَابِنَا إنَّ الْبَدَلَ فِيهِ جَائِزٌ حَكَاهُ عَنْهُ ابْنُ حَبِيبٍ وَغَيْرُهُ وَبِهِ قَالَ ابْنُ شِهَابٍ وَاللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ وَجْهُ مَا ذَهَبَ إلَيْهِ مَالِكٌ يَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ مَبْنِيًّا عَلَى أَنَّ الصَّرْفَ يُنْتَقَضُ مِنْ أَصْلِهِ بِالْبَدَلِ وَهُوَ وَقْتُ الْعَقْدِ فِيهِ فَيَبْطُلُ فِي الْمَعِيبِ لِتَأَخُّرِ دَفْعِ الْعِوَضِ فِيهِ مِنْ حِينِ الْعَقْدِ إلَى وَقْتِ الرَّدِّ بِالْعَيْبِ وَيَحْتَمِلُ قَوْلُ ابْنِ وَهْبٍ أَنْ يَكُونَ مَبْنِيًّا عَلَى أَنَّ الرَّدَّ بِالْعَيْبِ نَقْضٌ لِلْعَقْدِ حِينَ الرَّدِّ بِالْعَيْبِ دُونَ مَا تَقَدَّمَهُ فَلَا يَكُونُ فِي ذَلِكَ تَأْخِيرٌ لِلْبَدَلِ عَنْ وَقْتٍ عَرَا عَنْ قَبْضٍ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ وَأَحْكَمُ.
(مَسْأَلَةٌ) وَالْهِبَةُ اللَّاحِقَةُ بِالصَّرْفِ لَا خِلَافَ عَلَى الْمَذْهَبِ أَنَّهُ يَجُوزُ الْبَدَلُ فِيهَا.
وَقَدْ رُوِيَ عَنْ مَالِكٍ فِيمَنْ بَاعَ ثَوْبًا بِدِينَارٍ إلَّا دِرْهَمَيْنِ فَتَنَاقَدَا ثُمَّ وَجَدَ بِالدَّرَاهِمِ عَيْبًا رَوَى عَنْهُ ابْنُ الْقَاسِمِ يُبَدِّلُهُ وَلَيْسَ هَذَا مِثْلَ الصَّرْفِ يُرِيدُ أَنَّ هَذَا لَمَّا كَانَ الْغَالِبُ مِنْهُ الْبَيْعَ وَالصَّرْفُ تَبَعٌ لَهُ كَانَ حُكْمُهُ فِي جَوَازِ الْبَدَلِ حُكْمَ الْبَيْعِ لَا حُكْمَ الصَّرْفِ وَرَوَى عَنْهُ ابْنُ وَهْبٍ يُنْتَقَضُ الْجَمِيعُ.
(فَرْعٌ) فَإِذَا قُلْنَا بِمَنْعِ الْبَدَلِ فَلَا يَخْلُو أَنْ يَكُونَ الذَّهَبُ مِنْ جِنْسٍ وَاحِدٍ أَوْ مُخْتَلِفَ الْجِنْسِ فَإِنْ كَانَ مِنْ جِنْسٍ وَاحِدٍ فَإِنَّ بَيْعَهُ يَكُونُ عَلَى ضَرْبَيْنِ:
أَحَدُهُمَا: أَنْ يَقُولَ أَبِيعُك هَذِهِ الْعَشَرَةَ دَنَانِيرَ كُلُّ دِينَارٍ بِعَشَرَةِ دَرَاهِمَ يَذْكُرُ حِصَّةَ كُلِّ دِينَارٍ مِنْهَا وَالثَّانِي أَنْ يَذْكُرَ جُمْلَةَ الصَّرْفِ خَاصَّةً
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.app/page/contribute