للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(ص) : (مَالِكٌ أَنَّهُ بَلَغَهُ عَنْ جَدِّهِ مَالِكِ بْنِ أَبِي عَامِرٍ أَنَّ عُثْمَانَ بْنَ عَفَّانَ قَالَ قَالَ لِي رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «لَا تَبِيعُوا الدِّينَارَ بِالدِّينَارَيْنِ وَلَا الدِّرْهَمَ بِالدِّرْهَمَيْنِ» ) .

(ص) : (مَالِكٌ عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَسَارٍ «أَنَّ مُعَاوِيَةَ بْنَ أَبِي سُفْيَانَ بَاعَ سِقَايَةً مِنْ ذَهَبٍ أَوْ وَرِقٍ بِأَكْثَرَ مِنْ وَزْنِهَا فَقَالَ أَبُو الدَّرْدَاءِ سَمِعْت رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَنْهَى عَنْ مِثْلِ هَذَا إلَّا مِثْلًا بِمِثْلٍ فَقَالَ لَهُ مُعَاوِيَةُ مَا أَرَى بِمِثْلِ هَذَا بَأْسًا فَقَالَ أَبُو الدَّرْدَاءِ مَنْ يَعْذُرُنِي مِنْ مُعَاوِيَةَ أَنَا أُخْبِرُهُ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَيُخْبِرُنِي عَنْ رَأْيِهِ لَا أُسَاكِنُك بِأَرْضٍ أَنْتَ بِهَا ثُمَّ قَدِمَ أَبُو الدَّرْدَاءِ عَلَى عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ فَذَكَرَ ذَلِكَ لَهُ فَكَتَبَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ إلَى مُعَاوِيَةَ أَنْ لَا تَبِيعَ ذَلِكَ إلَّا مِثْلًا بِمِثْلٍ وَزْنًا بِوَزْنٍ» ) .

ــ

[المنتقى]

وَزْنِهِ يَجِبُ عَلَى أَصْلِ الْمَذْهَبِ أَنْ لَا يَجُوزَ مِنْ ذَلِكَ إلَّا الْيَسِيرُ؛ لِأَنَّ الزِّيَادَةَ فِي قَضَاءِ السَّلَفِ مَعْفُوٌّ عَنْ يَسِيرِهَا دُونَ كَثِيرِهَا وَإِنْ قَضَاهُ أَقَلَّ عَدَدًا أَوْ أَكْثَرَ وَزْنًا أَوْ أَكْثَرَ عَدَدًا أَوْ أَقَلَّ وَزْنًا لَمْ يَجُزْ ذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ قَدْ وُجِدَ الِاخْتِلَافُ بَيْنَ الذَّهَبَيْنِ عَلَى وَجْهٍ يَقْتَضِي الْمُغَابَنَةَ وَذَلِكَ يَنْفِي الْجَوَازَ.

(مَسْأَلَةٌ) :

فَإِنْ كَانَ السَّلَفُ وَزْنًا فَقَضَاهُ مِثْلَ وَزْنِهِ فَهُوَ جَائِزٌ فِي مِثْلِ ذَلِكَ الْعَدَدِ وَأَقَلَّ مِنْهُ وَأَكْثَرَ؛ لِأَنَّ اعْتِبَارَ الْوَزْنِ يُبْطِلُ اعْتِبَارَ الْعَدَدِ فَمَتَى كَانَ التَّعَامُلُ بِالْوَزْنِ فَلَا اعْتِبَارَ بِالْعَدَدِ فِي قَلِيلٍ وَلَا كَثِيرٍ وَإِنْ قَضَاهُ أَقَلَّ مِنْ وَزْنِهِ فِي مِثْلِ عَدَدِهِ أَوْ أَقَلَّ مِنْهُ أَوْ أَكْثَرَ فَهُوَ جَائِزٌ لِمَا ذَكَرْنَاهُ مِنْ أَنَّهُ لَا اعْتِبَارَ بِالْعَدَدِ فِي هَذَا الْوَجْهِ وَإِنْ قَضَاهُ أَكْثَرَ مِنْ وَزْنِهِ فَإِنْ كَانَتْ الزِّيَادَةُ يَسِيرَةً فَقَدْ جَوَّزَ ابْنُ الْقَاسِمِ الرُّجْحَانَ الْيَسِيرَ وَكَرِهَهُ فِي الْكَثِيرِ كَالْعِشْرِينِ دِينَارًا فِي الْمِائَةِ وَجَوَّزَهُ أَشْهَبُ فِي مِثْلِ الدِّينَارِ وَالدِّينَارَيْنِ وَالْإِرْدَبِّ مِنْ الطَّعَامِ وَالْإِرْدَبَّيْنِ وَإِنْ كَانَ ذَلِكَ عَلَى غَيْرِ مَوْعِدٍ وَلَا عَادَةٍ وَوَجْهُ تَجَوُّزِ الْيَسِيرِ أَنَّهُ لَا يَقْصِدُ السَّلَفَ لِمِثْلِهِ فَتَبْعُدُ التُّهْمَةُ بِهِ، وَأَمَّا الْكَثِيرُ فَإِنَّهُ يُقْصَدُ بِالسَّلَفِ فَيَمْتَنِعُ لِلذَّرِيعَةِ وَإِنْ كَانَتْ الزِّيَادَةُ فِي غَيْرِ مَجْلِسِ الْقَضَاءِ حَتَّى يَنْفَصِلَ مِنْهُ وَلَا تَكُونُ تَبَعًا لَهُ فَلَا بَأْسَ بِذَلِكَ؛ لِأَنَّهَا مُنْفَصِلَةٌ مِنْ السَّلَفِ فِي قَضَائِهِ فَكَانَ لَهُ حُكْمُ الْهِبَةِ الْمُبْتَدَأَةِ.

١ -

(فَصْلٌ) :

فَإِنْ كَانَ الْقَضَاءُ عَلَى غَيْرِ سَلَفٍ مِثْلُ أَنْ يَكُونَ مِنْ بَيْعٍ فَلَا يَخْلُو أَنْ يَكُونَ مَا ثَبَتَ مِنْهُ فِي ذِمَّتِهِ مِنْ ذَلِكَ مُقَدَّرًا بِالْعَدَدِ أَوْ الْوَزْنِ فَإِنْ ثَبَتَ مُقَدَّرًا بِالْعَدَدِ فَلَا يَجُوزُ أَنْ يَقْضِيَهُ وَزْنًا؛ لِأَنَّ الْعَدَدَ مَعْنًى قَدْ ثَبَتَ بِهِ فِي الذِّمَّةِ ثَمَنٌ فَلَا بُدَّ مِنْ مُرَاعَاتِهِ كَالْوَزْنِ وَإِنْ ثَبَتَ فِي ذِمَّتِهِ مُقَدَّرًا بِالْوَزْنِ وَالْعَدَدِ جَازَ أَنْ يُعْطِيَهُ مِثْلَ ذَلِكَ الْوَزْنِ عَلَى غَيْرِ ذَلِكَ الْعَدَدِ؛ لِأَنَّهُ مَتَى اجْتَمَعَ الْوَزْنُ وَالْعَدَدُ بَطَلَ حُكْمُ الْعَدَدِ.

(مَسْأَلَةٌ) :

وَإِنْ كَانَ مَا ثَبَتَ فِي ذِمَّتِهِ مِنْ ذَلِكَ مُقَدَّرًا بِالْوَزْنِ جَازَ أَنْ يُعْطِيَهُ أَكْثَرَ مِمَّا ثَبَتَ فِي ذِمَّتِهِ مِنْ الْوَزْنِ بِخِلَافِ الْقَرْضِ إذَا كَانَ مِثْلَ صِفَةِ مَا ثَبَتَ لَهُ أَوْ أَفْضَلَ وَجَازَ أَنْ يُعْطِيَهُ أَقَلَّ وَزْنًا وَأَدْوَنَ وَلَا يَجُوزُ أَنْ يُعْطِيَهُ أَفْضَلَ وَزْنًا وَأَدْوَنَ صِفَةً وَلَا أَفْضَلَ صِفَةً وَأَنْقَصَ وَزْنًا لِمَا ذَكَرْنَاهُ مِمَّا يَدْخُلُهُ مِنْ التَّفَاضُلِ بِصُورَةِ التَّشَاحِّ وَالتَّغَابُنِ.

(مَسْأَلَةٌ) :

فَإِنْ أَرَادَ أَنْ يَقْضِيَهُ عَدَدًا فَإِنْ كَانَ الْعَدَدُ أَفْضَلَ عُيُونًا وَوَزْنًا كَالْقَائِمَةِ عَنْ الْمَجْمُوعَةِ جَازَ وَإِنْ كَانَتْ أَفْضَلَ عُيُونًا وَأَقَلَّ وَزْنًا كَالْفُرَادَى مِنْ الْمَجْمُوعَةِ جَازَ وَإِنْ كَانَتْ أَفْضَلَ عُيُونًا وَأَقَلَّ وَزْنًا لَمْ يَجُزْ لِمَا قَدَّمْنَاهُ.

(ص) : (مَالِكٌ أَنَّهُ بَلَغَهُ عَنْ جَدِّهِ مَالِكِ بْنِ أَبِي عَامِرٍ أَنَّ عُثْمَانَ بْنَ عَفَّانَ قَالَ قَالَ لِي رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «لَا تَبِيعُوا الدِّينَارَ بِالدِّينَارَيْنِ وَلَا الدِّرْهَمَ بِالدِّرْهَمَيْنِ» ) .

(ش) : قَوْلُهُ لَا تَبِيعُوا الدِّينَارَ بِالدِّينَارَيْنِ يَحْتَمِلُ الْمَنْعَ مِنْ التَّفَاضُلِ فِي الْعَدَدِ لِمَا جَرَتْ بِهِ الْعَادَةُ مِنْ التَّعَامُلِ بِهَا عَدَدًا وَمَنَعَ قَطْعَهَا فَكَانَ ذَلِكَ مَنْعًا مِنْ التَّفَاضُلِ فِيهَا عَلَى ذَلِكَ الْوَجْهِ؛ لِأَنَّ زِيَادَةَ دِينَارٍ آخَرَ قَلَّمَا يُوجَدُ مِنْ التَّفَاضُلِ بَيْنَ الذَّهَبَيْنِ عَلَى هَذَا الْوَجْهِ فَنَصَّ عَلَى أَقَلِّ الزِّيَادَةِ لِيُنَبِّهَهُ بِذَلِكَ عَلَى الْمَنْعِ مِنْ أَكْثَرِهَا وَيَحْتَمِلُ أَنْ يُرِيدَ بِهِ الْمَنْعَ لِمَنْ رَآهُ بَاعَ دِينَارًا بِدِينَارٍ فَخَصَّ فِعْلَهُ ذَلِكَ بِالْمَنْعِ كَمَا رَوَى أَبُو سَلَمَةَ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ أَنَّهُ قَالَ «كُنَّا نَبِيعُ تَمْرَ الْجَمْعِ صَاعَيْنِ بِصَاعٍ فَقَالَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَا صَاعَيْ تَمْرٍ بِصَاعٍ وَلَا صَاعَيْ حِنْطَةٍ بِصَاعٍ وَلَا دِرْهَمَيْنِ بِدِرْهَمٍ» .

(ش) : مَا ذَهَبَ

<<  <  ج: ص:  >  >>