(ص) : (قَالَ مَالِكٌ الْأَمْرُ الْمُجْتَمَعُ عَلَيْهِ عِنْدَنَا فِي الرَّجُلِ يَشْتَرِي الْعَبْدَ، ثُمَّ يَظْهَرُ مِنْهُ عَلَى عَيْبٍ يُرَدُّ مِنْهُ، وَقَدْ حَدَثَ بِهِ عِنْدَ الْمُشْتَرِي عَيْبٌ آخَرُ أَنَّهُ إذَا كَانَ الْعَيْبُ الَّذِي حَدَثَ بِهِ مُفْسِدًا مِثْلَ الْقَطْعِ أَوْ الْعَوَرِ وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ مِنْ الْعُيُوبِ الْمُفْسِدَةِ فَإِنَّ الَّذِي اشْتَرَى الْعَبْدَ بِخَيْرِ النَّظَرَيْنِ إنْ أَحَبَّ أَنْ يُوضَعَ عَنْهُ مِنْ ثَمَنِ الْعَبْدِ بِقَدْرِ الْعَيْبِ الَّذِي كَانَ بِالْعَبْدِ يَوْمَ اشْتَرَاهُ وَضَعَ عَنْهُ، وَإِنْ أَحَبَّ أَنْ يَغْرَمَ قَدْرَ مَا أَصَابَ الْعَبْدُ عِنْدَهُ ثُمَّ يَرُدُّ الْعَبْدَ فَذَلِكَ لَهُ، وَإِنْ مَاتَ الْعَبْدُ عِنْدَ الَّذِي اشْتَرَاهُ أُقِيمُ الْعَبْدُ وَبِهِ الْعَيْبُ الَّذِي كَانَ بِهِ يَوْمَ اشْتَرَاهُ فَيَنْظُرُ كَمْ ثَمَنُهُ، فَإِنْ كَانَ قِيمَةُ الْعَبْدِ يَوْمَ اشْتَرَاهُ بِغَيْرِ عَيْبٍ مِائَةَ دِينَارٍ وَقِيمَتُهُ يَوْمَ اشْتَرَاهُ وَبِهِ الْعَيْبُ ثَمَانِينَ دِينَارًا وُضِعَ عَنْ الْمُشْتَرِي مَا بَيْنَ الْقِيمَتَيْنِ، وَإِنَّمَا تَكُونُ الْقِيمَةُ يَوْمَ اشْتَرَى الْعَبْدَ)
ــ
[المنتقى]
يَكُونَ مِنْ الْأَثْمَانِ أَوْ غَيْرِهَا، فَإِنْ كَانَتْ مِنْ الْأَثْمَانِ فَاخْتَلَفَ أَصْحَابُنَا فِي ذَلِكَ فَرَوَى ابْنُ حَبِيبٍ عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ أَنَّ الدَّافِعَ يَحْلِفُ عَلَى عِلْمِهِ فِي الْغِشِّ وَالنَّقْصِ صَيْرَفِيًّا كَانَ أَوْ غَيْرَهُ وَحَكَى عَنْ ابْنِ الْمَاجِشُونِ أَنَّ الصَّيْرَفِيَّ يَحْلِفُ عَلَى الْبَتِّ وَأَنَّ غَيْرَهُ يَحْلِفُ فِي الْغِشِّ عَلَى الْعِلْمِ وَفِي النُّقْصَانِ عَلَى الْبَتِّ قَالَ وَلَمْ يَخْتَلِفُوا أَنَّ الْيَمِينَ فِي نُقْصَانِ الْعَدَدِ عَلَى الْبَتِّ وَجْهُ قَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ أَنَّ انْتِقَادَ الْقَابِضِ وَاسْتِيفَاءَ الْوَزْنِ وَمُفَارَقَتَهُ لِلدَّافِعِ عَلَى أَنَّهُ قَدْ اسْتَوْفَى بِذَلِكَ عَدَدَهُ يُضْعِفُ دَعْوَاهُ الْغِشَّ وَالنَّقْصَ فِي الْوَزْنِ وَلَوْ ادَّعَى عَدَمَ مَعْرِفَةِ تِلْكَ الْأَعْيَانِ فَمَا دُونَهَا فَيَحْلِفُ عَلَى أَنَّهُ لَا يَعْرِفُهَا؛ لِأَنَّهُ إنْ عَرَفَهَا وَمَيَّزَهَا أُعِيدَ النَّظَرُ إلَيْهَا وَالْوَزْنُ لَهَا وَيُسْتَوْفَى تَمْيِيزُ أَعْيَانِهَا، وَأَنَّهَا هِيَ الَّتِي دَفَعَ الصَّيْرَفِيُّ أَوْ غَيْرُهُ فَاسْتَوْفَى، وَوَجْهُ قَوْلِ ابْنِ الْمَاجِشُونِ أَنَّ مَعْرِفَتَهُ بِالْغِشِّ وَالْغَبْنِ وَتَجْوِيزِ الْوَزْنِ وَمُبَاشَرَتَهُ لَهُ فِي الْأَغْلَبِ يُوجِبُ عَلَيْهِ الْيَمِينَ عَلَى الْبَتِّ أَنَّهُ قَدْ وَفَّاهُ جَيِّدًا وَازِنًا وَلَيْسَ عَلَيْهِ أَنْ يَحْلِفَ عَلَى الْبَتِّ فِي مَيْزِ أَعْيَانِهَا، وَوَجْهُ قَوْلِ ابْنِ كِنَانَةَ فِي التَّفْرِقَةِ بَيْنَ الْغِشِّ وَالْوَزْنِ أَنَّ الَّذِي يَنْفَرِدُ الصَّيْرَفِيُّ بِمَعْرِفَتِهِ هُوَ الْغِشُّ، وَأَمَّا الْوَزْنُ فَإِنَّ جَمِيعَ النَّاسِ يَسْتَوُونَ فِيهِ فَلِذَلِكَ اسْتَوَوْا فِي صِفَةِ الْيَمِينِ.
(فَصْلٌ) :
وَقَوْلُهُ فَإِنَّ الْعَبْدَ أَوْ الْوَلِيدَةَ يُقَوَّمُ وَبِهِ الْعَيْبُ الَّذِي كَانَ بِهِ يَوْمَ اشْتَرَاهُ فَيَرُدُّ مِنْ الثَّمَنِ مَا بَيْنَ قِيمَتِهِ صَحِيحًا وَقِيمَتِهِ وَبِهِ ذَلِكَ الْعَيْبُ يُرِيدُ أَنَّهُ يُقَوَّمُ بِقِيمَتِهِ يَوْمَ التَّبَايُعِ سَلِيمًا مِنْ الْعَيْبِ، ثُمَّ يُقَوَّمُ بِقِيمَتِهِ ذَلِكَ الْيَوْمَ وَبِهِ الْعَيْبُ فَيُنْظَرُ كَمْ بَيْنَ الْقِيمَتَيْنِ، فَإِنْ كَانَ رُبُعُهَا رَجَعَ بِجَمِيعِ الثَّمَنِ، وَإِنْ كَانَ أَقَلَّ أَوْ أَكْثَرَ فَبِحَسَبِ ذَلِكَ، وَذَلِكَ أَنَّ الْمُبْتَاعَ اشْتَرَى السِّلْعَةَ وَالتَّغَابُنُ لَازِمٌ فِي الْبُيُوعَاتِ؛ لِأَنَّهَا مَبْنِيَّةٌ عَلَى ذَلِكَ فَقَدْ أَصَابَ الْعَيْبُ جُزْءًا مِنْ الثَّمَنِ الَّذِي ابْتَاعَ بِالْجُمْلَةِ فَيَجِبُ أَنْ يَرُدَّ مِنْ الثَّمَنِ ذَلِكَ الْمِقْدَارَ، فَإِنْ كَانَ الْعَيْبُ خُمُسَ الْمَبِيعِ رَدَّ خُمُسَ الثَّمَنِ، وَإِنْ كَانَ أَكْثَرَ أَوْ أَقَلَّ فَبِحَسَبِ ذَلِكَ وَلَا سَبِيلَ إلَى تَقْدِيرِ الْعَيْبِ بِهِ مِنْ الْجُمْلَةِ إلَّا عَلَى مَا ذَكَرْنَاهُ، وَهَذَا إذَا دَخَلَ الْمَعِيبَ وَجْهٌ مِنْ وُجُوهِ الْفَوْتِ كَالْمَوْتِ وَالْعِتْقِ وَسَائِرِ مَا قَدَّمْنَا ذِكْرَهُ أَوْ دَخَلَهُ مَعْنًى يَثْبُتُ بِهِ الْخِيَارُ لِلْمُبْتَاعِ مِنْ نَقْصٍ يُوجِبُ أَنْ يُرَدَّ الْمَعِيبُ مَعَ النَّقْصِ الْحَادِثِ أَوْ يُمْسِكُهُ وَيَرْجِعُ بِقِيمَةِ الْعَيْبِ، فَأَمَّا إنْ لَمْ يَدْخُلْهُ شَيْءٌ مِنْ ذَلِكَ فَلَيْسَ لِلْمُبْتَاعِ إلَّا رَدُّهُ وَيَرْجِعُ بِجَمِيعِ ثَمَنِهِ، أَوْ الْإِمْسَاكُ وَلَا يَرْجِعُ بِشَيْءٍ، فَإِنْ أَرَادَ الْبَائِعُ أَنْ يَدْفَعَ إلَيْهِ الْأَرْشَ وَلَا يَرُدَّ عَلَيْهِ الْمَبِيعَ بِالْعَيْبِ لَمْ يَكُنْ لَهُ ذَلِكَ مَا لَمْ يَتَّفِقَا عَلَيْهِ، فَإِنْ اتَّفَقَا عَلَيْهِ جَازَ خِلَافًا لِابْنِ شُرَيْحٍ فِي مَنْعِهِ ذَلِكَ وَالدَّلِيلُ عَلَى مَا نَقُولُهُ أَنَّ هَذَا خِيَارٌ يَسْقُطُ إلَى مَالٍ مَعَ الْفَوَاتِ فَجَازَ أَنْ يَسْقُطَ إلَى مَالٍ مَعَ الْإِمْكَانِ كَالْخِيَارِ فِي الْقِصَاصِ.
(ش) : وَهَذَا كَمَا قَالَ أَنَّ مَنْ ابْتَاعَ سِلْعَةً وَحَدَثَ بِهَا عِنْدَهُ عَيْبٌ مُفْسِدٌ، ثُمَّ ثَبَتَ فِيهَا عَيْبٌ قَدِيمٌ كَانَ عِنْدَ الْبَائِعِ فَإِنَّ الْمُبْتَاعَ بِالْخِيَارِ بَعْدَ ذَلِكَ بَيْنَ أَنْ يُمْسِكَ الْمَبِيعَ وَيَرْجِعَ بِقِيمَةِ الْعَيْبِ، وَبَيْنَ أَنْ يَرُدَّ الْمَبِيعَ وَقِيمَةَ الْعَيْبِ الَّذِي حَدَثَ عِنْدَهُ وَيَرْتَجِعَ جَمِيعَ الثَّمَنِ، وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ وَالشَّافِعِيُّ لَيْسَ لَهُ رَدُّ الْمَبِيعِ، وَإِنَّمَا لَهُ الرُّجُوعُ بِقَدْرِ الْعَيْبِ خَاصَّةً وَالدَّلِيلُ عَلَى صِحَّةِ مَا ذَهَبَ إلَيْهِ مَالِكٌ قَوْلُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «لَا تُصِرُّوا الْإِبِلَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.app/page/contribute