للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث / الرقم المسلسل:
مسار الصفحة الحالية:

غلبوا عَن حفظ الْبَلَد فَلَمَّا كَانَ يَوْم الْجُمُعَة سَابِع عشر جُمَادَى الْآخِرَة سنة سبع وَثَمَانِينَ وَخمْس مائَة خرج رجل عوام وَمَعَهُ كتب من الْمُسلمين يذكرُونَ أَنهم قد أيقنوا بِالْهَلَاكِ وَمَتى أَخذ الْبَلَد عنْوَة ضربت رقابهم وَأَنَّهُمْ صَالحُوا الفرنج على أَن يسلمُوا الْبَلَد وَجَمِيع مَا فِيهِ من الْآلَات وَالْعدَد والأسلحة والمراكب ومائتي ألف دِينَار وَخمْس مائَة أَسِير مَجَاهِيل وَمِائَة أَسِير مُعينين من جهتهم وصليب الصلبوت على أَن يخرجُوا بِأَنْفسِهِم سَالِمين وَمَا مَعَهم من الْأَمْوَال والأقمشة المختصة بهم وذراريهم وَنِسَائِهِمْ سَالِمين ويضمنوا للمركيس لِأَنَّهُ كَانَ الْوَاسِطَة أَرْبَعَة أُلَّاف دِينَار فَلَمَّا وقف السُّلْطَان على ذَلِك عظم ذَلِك عَلَيْهِ وَأنْكرهُ وشاور أهل الرَّأْي وتقسم فكره فَهُوَ فِي ذَلِك وَإِذا أَعْلَام الفنرج قد ارْتَفَعت وصلبانه وَذَلِكَ ظهيرة يَوْم الْجُمُعَة سَابِع عشر جُمَادَى الْآخِرَة وَصَاح الفرنج صَيْحَة وَاحِدَة وعظمت الْمُصِيبَة على الْمُسلمين وَوَقع الْبكاء والعويل ثمَّ إِن الفرنج خَرجُوا من عكا وقصدوا عسقلان وَالسُّلْطَان قبالتهم فِي عسكره ووصولا إِلَى أرسوف فَكَانَ بَينهم قتال عَظِيم ونال الْمُسلمين مِنْهُم وَهن عَظِيم فَأتى السُّلْطَان الرملة وشاور السُّلْطَان أهل مشورته فِي أَمر عسقلان وَهل يخربها فاتفقوا على أَن يكون الْملك الْعَادِل قبالة الْعَدو يتَوَجَّه هُوَ بِنَفسِهِ ويخربها وَأَن حفظ الْقُدس أولى فَسَار إِلَى عسقلان ثامن عشر شعْبَان قَالَ القَاضِي ابْن شَدَّاد وَقد تحدث معي فِي خراب عسقلان بعد أَن تحدث مَعَ وَلَده الْأَفْضَل وَقَالَ لَئِن أفقد وَلَدي جَمِيعهم أحب إِلَيّ من أَن أهدم مِنْهَا حجرا وَلَكِن إِذا قضى الله تَعَالَى ذَلِك وَمَا فِيهِ مصلحَة الْمُسلمين فَمَا الْحِيلَة فِي ذَلِك فَوَقع الخراب فِي عسقلان فِي تَاسِع عشر شهر شعْبَان وَقسم الخراب على النَّاس وحزن النَّاس على خراب عسقلان حزنا عَظِيما وَعظم عويل أَهله لتشتتهم وشرعوا فِي بيع مَا لَا يقدرُونَ على حمله فباعوا مَا يُسَاوِي عشرَة آلَاف بِأَلف وابتيع اثْنَا عشر طير دَجَاج بدرهم وَخرج النَّاس بأهلهم إِلَى المخيم وَوصل من جِهَة الْعَادِل من أخبر أَن الفرنج تحدثُوا مَعَه فِي الصُّلْح وطلبوا جَمِيع الْبِلَاد الساحلية فَرَأى السُّلْطَان ذَلِك مصلحَة لما علم من نفس النَّاس وضجرهم من الْقِتَال وَكَثْرَة مَا عَلَيْهِم من الدُّيُون وَأذن للعادل فِي ذَلِك وفوض الْأَمر إِلَى رَأْيه وَأصْبح يَوْم الْجُمُعَة عشْرين رَمَضَان وَهُوَ مصر على الخراب وأباح النَّاس مَا فِي الهري وأحرق الْبَلَد وأتى الرملة وخربها وَخرب قلعتها وَتَأَخر بِالنَّاسِ إِلَى جِهَة بلد الْخَلِيل عَلَيْهِ السَّلَام وَخرب قلعة النطرون وَطلب الانكتار من الْعَادِل بعد اجْتِمَاعهمَا على مَوَدَّة الِاجْتِمَاع بالسلطان فَقَالَ السُّلْطَان إِذا وَقع الصُّلْح اجْتَمَعنَا ثمَّ إِن الصُّلْح تمّ وَكَانَ يَوْم الْأَرْبَعَاء ثَانِي عشْرين شعْبَان سنة ثَمَان وَثَمَانِينَ وَخمْس مائَة ونادى الْمُنَادِي أَن الْبِلَاد الإسلامية والنصرانية وَاحِدَة فِي الْأَمْن والمسالمة من شَاءَ من كل طَائِفَة يتَرَدَّد إِلَى بِلَاد الطَّائِفَة الْأُخْرَى من غير خوف وَلَا مَحْذُور وَكَانَ يَوْمًا مشهودا حصل فِيهِ

<<  <  ج: ص:  >  >>