خاسئات وَخرج يَقُول
(عَسى وَعَسَى يثني الزَّمَان عنانه ... بتصريف حالٍ وَالزَّمَان عثور)
(فتقضى لباناتٌ وتشفى حسائف ... وَيحدث من بعد الْأُمُور أُمُور)
فَسَمعهُ يحيى ينشد ذَلِك فَقَالَ لَهُ عزمت عَلَيْك يَا أَبَا الْعَبَّاس إِلَّا رجعت فَرجع فَوَقع لَهُ فِي جَمِيع الْقَصَص ثمَّ مَا كَانَ إِلَّا قَلِيل حَتَّى نكبوا على يَده وَولي بعدهمْ وزارة الرشيد
وَفِي ذَلِك يَقُول أَبُو نواس وَقيل أَبُو حرزة
(مَا رعى الدَّهْر آل برمك لما ... أَن رمى ملكهم بأمرٍ فظيع)
(إِن دهراً لم يرع عهدا ليحيى ... غير راعٍ ذمام آل الرّبيع)
وَفِي تَرْجَمَة مَنْصُور النمري الشَّاعِر للفضل ذكر حسن ومديح يَأْتِي إِن شَاءَ الله تَعَالَى فِي مَوْضِعه)
وتنازع جَعْفَر يَوْمًا هُوَ وَالْفضل بن الرّبيع بِحَضْرَة الرشيد فَقَالَ جَعْفَر للفضل يَا لَقِيط إِشَارَة إِلَى مَا كَانَ يُقَال عَن أَبِيه الرّبيع لِأَنَّهُ كَانَ لَا يعرف أَبوهُ فَقَالَ الْفضل اشْهَدْ يَا أَمِير الْمُؤمنِينَ وَأَنت حَاكم الحكامومات الرشيد وَالْفضل مُسْتَمر على وزارته وَكَانَ فِي صُحْبَة الرشيد فقرر الْأَمر للأمين وَلم يعرج على الْمَأْمُون وَهُوَ بخراسان وَلَا الْتفت إِلَيْهِ فعزم الْمَأْمُون على أَن يُجهز إِلَيْهِ عسكراً يعترضونه فِي طَرِيقه لما انْفَصل عَن طوس فَأَشَارَ على الْمَأْمُون الْفضل بن سهل أَن لَا يتَعَرَّض لَهُ
وزين الْفضل بن الرّبيع للأمين خلع الْمَأْمُون وَيجْعَل ولَايَة الْعَهْد لمُوسَى بن الْأمين
وَلما قويت شَوْكَة الْمَأْمُون استتر الْفضل فِي شهر رَجَب سنة سِتّ وَتِسْعين ثمَّ ظهر وَلما ولي إِبْرَاهِيم بن الْمهْدي الْخلَافَة بِبَغْدَاد اتَّصل بِهِ الْفضل بن الرّبيع فَلَمَّا اختلت حَال إِبْرَاهِيم استتر الْفضل ثَانِيًا وَشرح ذَلِك يطول
ثمَّ إِن طَاهِر بن الْحُسَيْن سَأَلَ الْمَأْمُون الرضى عَن الْفضل وَأدْخلهُ عَلَيْهِ وَلم يزل بطالاً إِلَى أَن مَاتَ سنة ثَمَان وَمِائَتَيْنِ وعمره ثَمَان وَسِتُّونَ سنة
وَكتب إِلَيْهِ أَبُو نواس يعزيه بالرشيد ويهنئه بِولَايَة الْأمين
(تعزّ أَبَا الْعَبَّاس عَن خير هالكٍ ... بأكرم حَيّ كَانَ أَو هُوَ كَائِن)
(حوادث أيامٍ تَدور صروفها ... لَهُنَّ مساوٍ مرّة ومحاسن)
(وفى الْحَيّ بِالْمَيتِ الَّذِي غيب الثرى ... فَلَا أَنْت مغبونٌ وَلَا الْمَوْت غابن)