الْغناء لكنَّه كَانَ صَغِير الْخلقَة دَقِيق الْوَجْه صَغِير الْعين توفِّي سنة خمس وَسبعين وَمِائَتَيْنِ آخر أَيَّام الْمُعْتَمد
كَانَ أوَّلاً خصيصاً بِمُحَمد بن إِسْحَاق بن إِبْرَاهِيم المُصْعَبي حتَّى لقد مَاتَ وَيَده فِي يَده
وَوَصفه الْفَتْح بن خاقَان للمتوكِّل فَأحْضرهُ وَأَعْجَبهُ واستمرَّ بِهِ نديماً وحُسب جملَة مَا وصل إِلَيْهِ من أنعام المتوكِّل فَكَانَ ذَلِك ثَلَاثَة مائَة ألف دِينَار وَوَصله من المعتزّ ثَلَاثَة وَثَلَاثُونَ ألف دِينَار وقلَّده الْمُنْتَصر بن المتَوَكل العمارات والمستَغَلاّت والمرمَّات وكلّ مَا على شاطئ دجلة إِلَى البطيحة من الْقرى وأقرَّه المستعين على ذَلِك ثمَّ حدثت الْفِتْنَة فانحدر مَعَ المستعين وَلم يزل إِلَى أَن خُلع المستعين فَأَقَامَ يَغْدُو إِلَيْهِ وَيروح بعد الْخلْع إِلَى أَن أحلَّه من الْبيعَة الَّتِي كَانَت لَهُ فِي عُنُقه وَلَك يكن المستعين قبل الْخلْع بِسنة يَأْكُل إلَاّ مَا يُحمل إِلَيْهِ من منزل عَليّ بن يحيى فِي الجَوْن فيُفطر عَلَيْهِ لأنّه كَانَ يَصُوم فِي تِلْكَ الأَيام وَلَكِن لما تولى الْمهْدي حقد عَلَيْهِ أَشْيَاء كَانَت تجْرِي بَينه وَبَين الْمُهْتَدي فِي مجَالِس الْخُلَفَاء وسلَّمه الله مِنْهُ وَمضى الْمُهْتَدي لسبيله وَكَانَ الْمُهْتَدي يَقُول لست أَدْرِي كَيفَ يسلم منِّي عَليّ بن يحيى ثمَّ أفْضى الْأَمر إِلَى الْمُعْتَمد فحلَّ مِنْهُ محلا عَظِيما وقدَّمه على النَّاس جَمِيعًا وقلَّده مَا كَانَ يتقلَّده قبله أيامَ الْخُلَفَاء وزاده بِنَاء المعشوق فَبنى لَهُ أَكْثَره وَكَانَ الموفَّق يذكرهُ فِي مجالسه ويثني عَلَيْهِ
أَمر المتوكِّل فِي بعض ليَالِي شرابه مَن يمْضِي إِلَى بَيت عَليّ بن المنجم ويأتيه بِمَا فِي بَيته من طَعَام وَلَا يدع أَهله يُهيِّئون شَيْئا من غير مَا عِنْدهم فَمضى وأتى بجَونةٍ ملأى من ضروب الطَّعَام ففُتحت بَين يَدَيْهِ فأعجبه مَا فِيهَا وأعظمه فصاح المتوكِّل بعلي بن المنجم وَقَالَ لَهُ انْظُر إِلَى هَذِه الجونة أتعلم من أَيْن هِيَ قَالَ لَا يَا أَمِير الْمُؤمنِينَ فَقَالَ هِيَ من مَنْزِلك وَالله لقد سرَّني مَا رأيتُ من مروءتك وسَرْوِك كَذَا فَلْيَكُن مَن خدم الْمُلُوك واتَّصل بهم ثمَّ قَالَ لَهُ مَا تحبُّ أَن أهب لَك قَالَ مائَة ألف دِينَار فَقَالَ لَهُ أَنْت تستحقّها وَأكْثر مِنْهَا)
وَمَا يَمْنعنِي من دَفعهَا إِلَيْك إلَاّ خوفُ الشنَّاع وَأَن يُقَال صرف لنديمه مائَة ألف دِينَار وَقد وصلتك الْآن بِمِائَة ألف دِرْهَم معجَّلةً وعليَّ أَن أصلك الْبَاقِي مفرَّقاً وَلم يزل يُنعم عَلَيْهِ بِشَيْء بعد شَيْء إِلَى أَن أكملها
وَكَانَ عَليّ بن يحيى سَرِيًّا مُمَدَّحاً منزله مأوى الْفُضَلَاء وَمجمع الأدباء يصلهم بالأموال والقماش والخيول وَغير ذَلِك وَفِيه يَقُول إِدْرِيس بن أبي حَفْصَة
(أضحى عليُّ بن يحيى وَهُوَ مشتهرٌ ... بِالصّدقِ فِي الْوَعْد والتصديق فِي الأملِ)
(لَو زيد بالجود فِي رزقٍ وَفِي أجلٍ ... لزاد جودك فِي رزقٍ وَفِي أجل)
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.app/page/contribute