الْكَلِمَة الَّتِي قَالَهَا لي
قَالَ أَبُو بكر العطوي كنت عِنْد الْجُنَيْد حِين احْتضرَ فختم الْقُرْآن ثمَّ ابْتَدَأَ فَقَرَأَ من الْبَقَرَة سبعين آيَة ثمَّ مَاتَ
وَقَالَ أَبُو نعيم أخبرنَا الخالديّ كِتَابَة قَالَ رَأَيْت الْجُنَيْد فِي النّوم فَقلت لَهُ مَا فعل الله بك فَقَالَ طاحت تِلْكَ الإشارات وَغَابَتْ تِلْكَ الْعبارَات وفيت تِلْكَ الْعُلُوم ونفدت تِلْكَ الرسوم وَمَا نفعنا إلاّ رَكْعَات كنّا نركعها فِي الأسحار
وَقَالَ الْجُنَيْد قاللي خَالِي سريّ السَّقطي تكلَّم على النَّاس وَكَانَ فِي قلبِي حشمة عَن النَّاس فإنّي كنت أتهم نَفسِي فِي اسْتِحْقَاق ذَلِك فَرَأَيْت النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي الْمَنَام وَكَانَت لَيْلَة جُمُعَة فَقَالَ لي تكلَّم على النَّاس فانتبهت وأتيت بَاب السِّري قبل أَن يصبح فدققت الْبَاب فَقَالَ لي لم تصدّقنا حَتَّى قيل لَك فَقَعَدت فِي غدٍ للنَّاس بالجامع وانتشر فِي النَّاس أَن الْجُنَيْد قعد يتَكَلَّم فَوقف عليَّ غُلَام نَصْرَانِيّ متنكراً وَقَالَ أَيهَا الشَّيْخ مَا معنى قَول رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم اتَّقوا فراسة الْمُؤمن فَإِنَّهُ ينظر بِنور الله فأطرقت ثمَّ رفعت رَأْسِي فَقلت اسْلَمْ فقد)
حَان إسلامك فَأسلم وَقَالَ مَا نتفعت بِشَيْء انتفاعي بِأَبْيَات سَمعتهَا قيل لَهُ وَمَا هِيَ قَالَ مَرَرْت بدرب الْقَرَاطِيس فَسمِعت جَارِيَة تغني من دَار فأنصت فسمعتها تَقول من الطَّوِيل
(إِذا قلت أهْدى الهجر لي حلل الضنى ... تَقُولِينَ لَوْلَا الهجر لم يطب الْحبّ)
(وَإِن قلت هَذَا الْقلب أحرقه الْهوى ... تَقول بنيران الْهوى شرف الْقلب)
(وَإِن قلت مَا أذنبت قلت مجيبةً ... حياتك ذنبٌ لَا يُقَاس بِهِ ذَنْب)
فصعقت وَصحت فَبينا أَنا كَذَلِك إِذا بِصَاحِب الدَّار قد خرج فَقَالَ مَا هَذَا يَا سيّدي فَقلت لَهُ ممّا سَمِعت قَالَ أشهدك أَنَّهَا هبة مني لَك فَقلت قد قبلتها وَهِي حرةٌ لوجه الله تَعَالَى ثمَّ دفعتها لبَعض أَصْحَابنَا بالرباط فَولدت لَهُ ولدا نبيلاً وَنَشَأ أحسن نشوء
وحجّ الْجُنَيْد على قَدَمَيْهِ ثَلَاثِينَ حجَّة على الْوحدَة وَصَحبه أَبُو الْعَبَّاس ابْن سُرَيج الْفَقِيه الشَّافِعِي فَكَانَ إِذا تكلم فِي الْأُصُول وَالْفُرُوع أعجب الْحَاضِرين فَيَقُول أَتَدْرُونَ من أَيْن لي هَذَا هَذَا من بركَة مجالستي أَبَا الْقَاسِم الْجُنَيْد وَسُئِلَ عَن الْعَارِف فَقَالَ من نطق عَن سرّك وَأَنت سَاكِت
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.app/page/contribute