(حَتَّى إِذا أَبْصرت بعض الَّذِي كرهت ... ممّا يشقّ من الْأَوْلَاد فِي خلق)
(هزّت بهم مهدها شَيْئا تنهنههم ... ثمَّ استشاطت وَآل الطَّبْع للخرق)
(فصكّت المهد غَضَبي فَهِيَ لافظةٌ ... بَعْضًا على بَعضهم من شدّة النّزق)
وَمِنْه فِي النَّار
(كَأَنَّمَا نارنا وَقد خمدت ... وجمرها بالرماد مَسْتُور)
(دم جرى من فواختٍ ذبحت ... من فَوْقه ريشهنّ منثور)
وَمِنْه فِي الأهرام
(قد كَانَ للماضين من ... أَرْبَاب مصرٍ همم)
(فالفضل عَنْهُم فضلَة ... وَالْعلم فيهم علم)
(إِن انْقَضتْ أعلامهم ... وعلمهم وانصرموا)
(فاليوم مصر عدمٌ ... إِن كَانَ يُرْجَى الْعَدَم)
(وَانْظُر ترَاهَا ظَاهرا ... بادٍ عَلَيْهَا الْهَرم)
قلت شعر متوسط والمقطوع الَّذِي فِي النَّار جيد إِلَى الْغَايَة وَكَانَ سَمعه قد صمّ فاتفق أَن اجْتمع يَوْمًا بِسيف الدّين المشدّ وتوهم أَنه سمع مِنْهُ كلَاما لَا يَلِيق بِهِ فَعَاتَبَهُ فَقَالَ المشدّ أبياتاً يعرّض بِذكر كِتَابيه المسالك وَفصل الْخطاب)
أَيهَا الْعَالم الَّذِي زين الْعَصْر بِمَا حازه من الْآدَاب
(وَالَّذِي أعجز الأفاضل كالجا ... حَظّ فبمَا أَتَى بِهِ والصّابي)
أَنْت تَدْرِي بِأَن سَمعك وَالله الْمعَافي فِي غَايَة الإضطراب
(لست بالسامع الَّذِي يدْرك القو ... ل سرَاعًا فيهتدي للجواب)
وَفَسَاد الْحَواس فِي خلل الْفَهم يَقِينا من أعظم الْأَسْبَاب
(إِن ذَا النَّاظر الْمَعِيب وحاشا ... ك يخال الْعقَاب مثل الذُّبَاب)
وعليل المذاق يشْتَبه الطّعْم عَلَيْهِ فِي شهده بالصّاب وَإِذا صحّ مَا أَقُول فَلَا يبعد أَن قد سَمِعت ضدّ الصَّوَاب
(لم أزل فِيك مسهباً وَلما حز ... ت من الْفضل دَائِم الإطناب)
(رَجَب قد علمت وَهُوَ أصمٌّ ... عظّمته أفاضل الْأَعْرَاب)
(وكذاك الرماح تُوصَف بالص ... مَّ إِذا أَصبَحت صِحَاح الكعاب)
(والحساب الْأَصَم أحسن شَيْء ... عجزت عَنهُ عَامَّة الْحساب)
(والصخور الصمّ المنيعات تسمو ... غَيرهَا من حجارةٍ وهضاب)