للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقد سبقتْ مناقشتُها.

ثانيًا: أن تقليدَ المجتهدَ الحي أولى مِنْ تقليدِ المجتهدِ الميتِ (١).

الشق الثاني: جوازُ تقليدِ الميتِ إِنْ لم يُوجدْ مجتهدٌ ودليلهم:

إِنْ لم يُوْجَد المجتهدُ، فإِنّنا نُجَوِّزُ تقليدَ الميتِ؛ للضرورةِ، إِذ كيفَ يستقيمُ حالُ الناسِ إِنْ لم يُوجدْ مجتهدٌ إِلَّا بتقليدِ الميتِ؟ ! فلو لم يُقلَّد الميتُ والحالة هذه، لضاعت الشريعةُ (٢).

• الموازنة والترجيح:

مِنْ خلالِ النظرِ في الأقوالِ وما استدلوا به، وما وَرَدَ عليها مِن مناقشاتٍ، يظهرُ لي رجحانُ القولِ الأولِ القائلِ بجوازِ تقليدِ الميتِ مطلقًا، وقبلَ ذكرِ أسبابِ الترجيحِ أنبّه إِلى الأمرين الآتيين:

الأمر الأول: ليسَ للعامي أنْ يُقَلِّدَ المجتهدَ الميت ابتداءً؛ لأنَّ فرضَه إِذا نزلتْ به نازلةٌ سؤالُ العالمِ.

الأمر الثاني: لزومُ النظرِ فيما أفتى فيه المجتهدُ الميت، أو نُقِلَ قولُه فيه، مِنْ جهةِ غلبةِ الظنِّ هلْ لتغيّرِ العصرِ مدخلٌ في تغيّرِ قولِه؟

فإِنْ غَلَبَ على الظنِّ أنَّه لا مدخلَ للعصرِ في تغيّرِ قولِ الميتِ، فلا بأسَ بتقليدِه.

وإن غَلَبَ على الظنِّ أنَّ للعصر مدخلًا في تغيّرِ قولِ المجتهدِ الميتِ - مثل: أنْ يُبْنَي قولُه على العرفِ القائم في وقتِه - فينبغي التَّريث في تقليدِه، حتى نعلم مأخذَ قولِه ومقصدِه منه (٣).


(١) انظر: نفائس الأصول (٩/ ٤١٥٦)، وسلاسل الذهب (ص/ ٤٤٨ - ٤٤٩).
(٢) انظر: شرح المعالم لابن التلمساني (٢/ ٤٥٤)، ونهاية الوصول للهندي (٨/ ٣٨٨٥)، وشرح المحلي على جمع الجوامع (٢/ ٣٩٦) بحاشية البناني، وتيسير التحرير (٤/ ٢٥٠).
(٣) انظر: أصول الفقه للدكتور عياض السلمي (ص/٤٨٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>