للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ويمكن أنْ يناقش الدليل الثاني: بأنَّ الظاهرَ أنَّ مرادَ الغزالي حينَ حكى إِجماعَ الأصوليين على منعِ تقليدِ الميتِ، المنعُ مِنْ تقليدِ المجتهدِ الَّذي لم يثبتْ قولُه، أو لم يتحررْ، أمَّا تقليدُ مَنْ ثَبَتَ قولُه، وتحررَ المرادُ منه، فيجوزُ. يدلُّ على هذا: ما قاله الغزالِيُّ بعد حكايتِه للإِجماعِ: "ولو اتَّبعَ الآن عاميٌّ مذهبَ أبي بكر، مُعْرِضًا عن سائرِ المذاهبِ، لا يجوزُ له ذلك؛ فإِن الصحابةَ كانوا لا يَعْتَنُون بنخلِ المسائلِ وتهذيبها، وإِنَّما اعتنى به المتأخرونَ" (١).

فكلامُ أبي حامد واضحٌ في تحديد المرادِ بالإِجماعِ الَّذي حكاه.

الدليل الثالث: أنَّ المجتهدَ لا قولَ له بعدَ موتِه، بدليلِ: أنَّ الإِجماعَ لا ينعقدُ مع خلافِه إِذا كان حيًّا، وينعقدُ مع موتِه، ويدل هذا على موتِ القولِ بموتِ قائلِه، وإِذا لم يكنْ للمجتهدِ قولٌ، لم يجزْ تقليدُه (٢).

مناقشة الدليل الثالث، نوقش الدليل مِن وجهين:

الوجه الأول: لا نُسلمّ أنَّ اتفاقَ أهلِ العصرِ اللاحقِ على أحدِ قولي أهلِ العصرِ السابقِ إِجماعٌ صحيحٌ (٣)؛ إِذ المسألةُ محلّ خلافٍ بين الأصوليين، وكثيرٌ مِنْ محققيهم يرونَ أنَّه ليس بإِجماعٍ (٤).


(١) المصدر السابق.
(٢) انظر: العزيز شرح الوجيز للرافعي (١٢/ ٤٢٠)، والمحصول في علم أصول الفقه للرازي (٦/ ٧١)، وشرح المعالم لابن التلمساني (٢/ ٤٥٤)، والحاصل من المحصول (٢/ ١٥٢١)، ومنهاج الوصول للبيضاوي (٢/ ١٠٨٥) مع شرحه السراج الوهاج، والفائق في أصول الفقه (٥/ ٨٧)، ونهاية الوصول للهندي (٨/ ٣٨٨٤)، والإِبهاج في شرح المنهاج (٧/ ٢٩٤٥)، ونهاية السول (٤/ ٥٨٤)، والبحر المحيط (٦/ ٢٩٨)، وشرح المحلي على جمع الجوامع (٢/ ٣٩٦) بحاشية البناني.
(٣) انظر: نهاية الوصول للهندي (٨/ ٣٨٨٥)، والفائق في أصول الفقه (٥/ ٨٧)، والتقرير والتحبير (٣/ ٣٤٧)، وفواتح الرحموت (٢/ ٤٠٧).
(٤) انظر: شرح اللمع (٢/ ٧٢٦)، والتبصرة (ص/ ٣٧٨)، والمنخول (ص / ٣٢٠)، وروضة الناظر (٢/ ٤٨٦)، والإِحكام في أصول الأحكام للآمدي (١/ ٢٧٥)، ومختصر منتهى السول ابن الحاجب (١/ ٤٩١).

<<  <  ج: ص:  >  >>