للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ويمكن أنْ يناقشَ الدليل الخامس من وجهين:

الوجه الأول: بعدمِ التسليمِ بوقوعِ الضررِ على الناسِ إِذا لم يقلدوا الأمواتِ؛ إِذ لا يخلو العصرُ مِنْ قائمٍ لله بالحجةِ.

الوجه الثاني: هذا الدليلُ يدلُّ على جوازِ تقليدِ الميتِ إِذا لم يُوجدْ مجتهدٌ، أمَّا إِذا وُجدَ مجتهدٌ، فإِن الحيرةَ الحرجَ مندفعان.

أدلةُ أصحابِ القولِ الثاني (القائلين بمنع تقليد الميت مطلقًا):

استدلَّ أصحابُ القولِ الثاني بأدلةٍ، منها:

الدليل الأول: لو قُدِّرَ أنَّ المجتهدَ الميتَ لا يزال حيًا، فإِنَّ قولَه قد يتغيرُ إِذا عُرِضَتْ عليه المسألةُ مرةً أخرى؛ لتجديدِ نظرِه فيها، وعلى تقديرِ تجديدِ اجتهادِ المجتهدِ، يحتملُ رجوعُه عنْ قولِه، فيكون تقليدُه والحالةُ هذه بناءً على وهمٍ وترددٍ، وهذا غيرُ جائزٍ (١).

مناقشة الدليل الأول: إِنَّ الأصلَ بقاءُ المجتهدِ على قولِه الَّذي ماتَ عليه، واحتمالُ تغيّر قولِه بناءً على تجديدِ الاجتهادِ، مخالفٌ للأصلِ (٢).

الدليل الثاني: ذَكَرَ بدرُ الدينِ الزركشي (٣)، وأحمدُ الوزير (٤) أنَّ أبا حامدٍ الغزالي حكى إِجماعَ علماءِ الأصولِ على منعِ تقليدِ الميتِ، والإِجماعُ حجةٌ يجبُ المصيرُ إِليه.

يقولُ أبو حامدٍ الغزالي: "قد قالَ الفقهاءُ: يُقَلِّده وإنْ ماتَ ... وأجمعَ علماءُ الأصولِ على أنَّه لا يفعلُ ذلك" (٥).


(١) انظر: المعتمد (٢/ ٩٣٣)، والتمهيد في أصول الفقه لأبي الخطاب (٤/ ٣٩٤)، وبذل النظر للأسمندي (ص/ ٦٩٣)، وصفة الفتوى (ص / ٧٠)، وإعلام الموقعين (٦/ ٢٠٢)، والإِبهاج في شرح المنهاج (٧/ ٢٩٤٥)، والبحر المحيط (٦/ ٢٩٨).
(٢) انظر: بذل النظر للأسمندي (ص/ ٦٩٣)، وصفة الفتوى (ص / ٧١).
(٣) انظر: البحر المحيط (٦/ ٢٩٨)، وتشنيف المسامع (٤/ ٦١٠).
(٤) انظر: المصفى في أصول الفقه (ص/ ٨٢٩).
(٥) المنخول (ص/ ٤٨٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>