للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ثُمَّ إِنَّ الحاكمَ إِذا حَكَمَ بحكمٍ، ثُمَّ ماتَ، فإِنَّ حكمَه لا يبطلُ بموتِه، والشاهدَ إِذا أَدَّى شهادتَه، ثُمَّ ماتَ، فإِنَّ شهادتَه لا تبطلُ بموتِه، ولا تبطلُ الوصيةُ بموتِ الموصي، وكذلك الراوي إِذا روى خبرًا عن النبي - صلى الله عليه وسلم -، ثمَّ ماتَ، فإِنَّ روايته لا تبطلُ بموتِه، فكذلك المجتهد إِذا قالَ قولًا، ثمَّ ماتَ، فإِنَّ قولَه لا يبطلُ بموتِه (١).

الدليل الرابع: يؤدّى القولُ بالمنعِ مِنْ تقليدِ الميتِ - لأنَّه لا قولَ له - إِلى إِبطالِ الإِجماعاتِ المنعقدة مِن المجتهدين في العصورِ السابقةِ؛ لأنَّ قولَهم بَطَلَ بعدَ موتِهم، وتصير المسألةُ المجمعُ عليها مسألةً لا يُحكى فيها الإِجماع! وهذا ظاهرُ البطلانِ (٢).

يقولُ أبو القاسمِ الرافعي: "لو بَطَلَ قولُ القائلِ بموتِه، لبَطَلَ الإِجماعُ بموتِ المجمعين، ولصارت المسألةُ اجتهاديةً" (٣).

الدليل الخامس: لو منعنا الناسَ مِنْ تقليدِ الأمواتِ، لبقوا في حيرةٍ وحرج، ولوَقَعَ عليهم الضررُ عند فَقْدِ المجتهدِ، فلا بُدَّ لهم مِنْ تقليدِ الأمواتِ (٤).


(١) انظر: العزيز شرح الوجيز للرافعي (١٢/ ٤٢١)، وأدب المفتي والمستفتي (ص/ ١٦٥)، والمجموع شرح المهذب للنووي (١/ ٥٥)، وروضة الطالبين له (١١/ ٩٩)، والمسودة (٢/ ٩٣٥)، وإعلام الموقعين (٦/ ٢٠٢)، وأصول الفقه لابن مفلح (٤/ ١٥١٤)، ونهاية السول (٤/ ٤٨٥)، والبحر المحيط (٦/ ٢٩٧)، والتحبير (٨/ ٣٩٨٣)، وشرح الكوكب المنير (٤/ ٥١٣)، والآيات البينات للعبادي (٤/ ٣٦٩)، وشرح المحلي على جمع الجوامع (٢/ ٣٩٦) بحاشية البناني.
(٢) انظر: العزيز شرح الوجيز للرافعي (١٢/ ٤٢١)، وشرح المعالم لابن التلمساني (٢/ ٤٥٤)، وإعلام الموقعين (٦/ ٢٠٢)، وأصول الفقه لابن مفلح (٤/ ١٥١٤)، وشرح المحلي على جمع الجوامع (٢/ ٣٩٦) بحاشية البناني.
(٣) العزيز شرح الوجيز (١٢/ ٤٢١).
(٤) انظر: المصدر السابق، وأدب المفتي والمستفتي (ص/ ١٦٠)، وروضة الطالبين للنووي (١١/ ٩٩)، ونهاية الوصول للهندي (٨/ ٣٨٨٦)، ونهاية السول (٤/ ٥٨٤ - ٥٨٥)، والبحر المحيط (٦/ ٢٩٨)، وتيسير التحرير (٤/ ٢٥٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>