للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عليها؛ لئلا يخالفَها؛ لأنَّها خرقٌ للإِجماعِ، فإِنَّ هذا ينافي دعواكم؛ إِذ حُرْمةُ المخالفةِ فرعُ بقاءِ القولِ (١).

وأجيب عن الجواب: بأنَّ ما ذكرناه مِن الفائدة لا ينافي ما ادعيناه مِن المنعِ مِنْ تقليدِ الميتِ؛ لأنَّه لا يلزمُ مِن الاعتدادِ بقولِه مع غيرِه مِن المجتهدين، الاعتداد بقولِه وحده (٢).

ويمكن أنْ يُضاف وجهٌ ثانٍ في الجواب عن مناقشةِ الدليلِ الثاني: بأنَّ ما ذكرتموه مسلَّمٌ، ولكنْ لا مانعَ مِنْ أنْ نقوَلَ: إِن تصنيفَ الكتبِ الفقهيةِ له ثلاثُ فوائد: الفائدتانِ اللتانِ ذُكِرَتا في المناقشةِ، والفائدة الثالثة: تقليدُ الميتِ، ولا سيما أنَّ عملَ الفقهاءِ وصنيعهم يدلُّ على هذه الفوائد.

الدليل الثالث: أن المجتهدَ إِذا قالَ قولًا، ثُمَّ ماتَ، فإِنَّ قولَه لا يبطلُ بموتِه (٣)؛ يقولُ الإِمامُ الشَّافعي: "المذاهبُ لا تموتُ بموتِ أربابِها، ولا بفقدِ أصحابِها" (٤).

ويدلُّ على ما سبق: اختيارُ كثيرٍ مِن الأصوليين أنَّ اتفاقَ أهلِ العصرِ اللاحقِ على أحدِ قولي أهلِ العصرِ السابقِ لا يُعَدُّ إِجماعًا تَحْرُم مخالفتُه؛ لتقدّمِ الخلافِ، فالقولُ لا يموتُ بموتِ قائلِه (٥).


(١) انظر: الآيات البينات للعبادي (٤/ ٣٧٤).
(٢) انظر: المصدر السابق.
(٣) انظر: البرهان (٢/ ٨٨٤ - ٨٨٥)، والمنخول (ص / ٤٨٠)، وبذل النظر للأسمندي (ص/ ٦٩٣)، وصفة الفتوى (ص/ ٧٠)، ومجموع فتاوى شيخ الإِسلام (٢٠/ ٥٨٥)، والمسودة (٢/ ٥٣٩)، وإعلام الموقعين (٦/ ٢٠٢).
(٤) انظر: البرهان للجويني (١/ ٤٥٦)، وأدب المفتى والمستفتي (ص/ ١٦٥)، والمجموع شرح المهذب للنووي (١/ ٥٥)، والبحر المحيط (٦/ ٢٩٧)، وتشنيف المسامع (٤/ ٦٠٩)، وسلاسل الذهب (ص/ ٤٤٨)، وشرح المحلي على جمع الجوامع (٢/ ٣٩٦) بحاشية البناني، وشرح الكوكب المنير (٤/ ٥١٣)، والعقد الفريد للسمهودي (ص/ ٧٤).
(٥) انظر: التبصرة (ص/ ٣٧٨)، والمنخول (ص / ٣٢٠)، وروضة الناظر (٢/ ٤٨٦)، والإِحكام في أصول الأحكام للآمدي (١/ ٢٧٥)، وأدب المفتي والمستفتي (ص/ ١٦٠)، وشرح المعالم لابن التلمساني (٢/ ٤٥٤)، وصفة الفتوى (ص/ ٧٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>