للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الدليل السابع: إذا جازَ للمجتهدِ تقليدُ المجمعين فيما أفتوا به، وأجمعوا عليه، وإنْ لم يعلم الطريقَ الذي أفتوا عنه، جازَ له تقليدُ آحادِ العلماءِ، وإنْ لم يعلم الطريقَ الذي أفتى عنه العالمُ (١).

مناقشة الدليل السابع: جوازُ الأخذِ بقولِ المجمعين - وإن لم يُعلمْ طريقُ اجتهادِهم - للأدلةِ الدالةِ على عصمةِ إجماعِ الأمّةِ، فالإجماعُ حجةٌ في الشرعِ، ولذا لا يجوزُ للمجتهدِ العملُ على اجتهادِه، وتركُ الإجماعِ، والواحدُ مِن العلماءِ يجوزُ عليه الخطأُ، وليس قولُه حجةً، فلم يجزْ للمجتهدِ قبولُه، وتركُ اجتهادِ نفسِه (٢).

الدليل الثامن: لو كانَ تقليدُ المجتهدِ لغيرِه مِن المجتهدين غيرَ جائزٍ؛ لجوازِ الخطأِ على مَنْ يقلِّدُه، لجازَ أنْ يُمنعَ مِنْ قبولِ خبرِ الواحدِ؛ لجوازِ الخطأِ على ناقلِه، ولَّما بَطَلَ هذا في قبولِ الأخبارِ، بَطَلَ في تقليدِ المجتهدِ لغيرِه مِن المجتهدين (٣).

مناقشة الدليل الثامن: نوقش الدليل من وجهين:

الوجه الأول: أنَّ ما ذكرتموه في دليلِكم غيرُ لازمٍ، فإنَّ خبرَ الواحدِ ظَهَرَ مِنْ غيرِ نكيرٍ، فهو بمنزلةِ قولِ الواحدِ مِن الصحابة إذا انتشرَ مِنْ غيرِ خلافٍ، وفي مسألتِنا، اختلفَ العلماءُ وتعددتْ أقوالُهم، فقياسُ مسألتنا ممَّا ذكرتُم: أنْ يُروى خبرانِ متعارضانِ، فلا يجوزُ المصيرُ إلى واحدٍ منهما قبلَ النظرِ والاجتهادِ (٤).

الوجه الثاني: أنَّا لو أوجبنا على المجتهدِ البحثَ عن الرواةِ، والنظرَ في جميعِ أحوالِ الإسنادِ حتى يساوي الراوي في طريقِه، لأدَّى إلى مشقةٍ


(١) انظر: التبصرة (ص/ ٤٠٩)، وشرح اللمع (٢/ ١٠٢٤)، والواضح في أصول الفقه (٥/ ٢٤٩).
(٢) انظر: المصادر السابقة.
(٣) انظر: المصادر السابقة، والتمهيد في أصول الفقه لأبي الخطاب (٤/ ٤١٧)، ونهاية الوصول للهندي (٨/ ٣٩١٨).
(٤) انظر: التبصرة (ص/ ٤٠٩ - ٤١٥)، وشرح اللمع (٢/ ١٠٢٤)، والواضح في أصول الفقه (٥/ ٢٥٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>