للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عظيمةٍ، ورُبَّما تعذّرَ عليه ذلك بتعذّرِ الطريقِ بينه وبين المروي عنه، أو بموتِه، فَسَقَطَ عنه ذلك، كما سَقَطَ الاجتهادُ عن العامي، بخلافِ مسألتنا، فإنَّه لا مشقةَ على المجتهدِ في إدراكِ الحكمِ باجتهادِه (١).

الدليل التاسع: أنَّ قولَ المجتهدِ صوابٌ؛ لأنَّ كلَّ مجتهدٍ مصيبٌ، وكلُّ قولٍ وُصِفَ بالصوابِ يجوزُ الأخذُ به، وتقليدُه (٢).

مناقشة الدليل التاسع: لا نُسلّمُ لكم أنَّ كلَّ مجتهدٍ مصيبٌ، بل الصوابُ أنَّ الحقَّ واحدٌ (٣)، وبناءً عليه، لا يصحُّ لكم الاستدلالُ بهذه القاعدةِ (٤).

الدليل العاشر: أنَّ الحُكْمَ الذي يقلِّدُ المجتهدُ فيه غيرَه، حُكْمٌ يسوغُ فيه الاجتهادُ، فجازَ لمَنْ لم يكنْ عالمًا به تقليدُ مَنْ علمَه، كالعامي، والجامعُ حصولُ الظنِّ بقولِ المفتي (٥).

مناقشة الدليل العاشر: نوقش الدليل من وجهين:

الوجه الأول: أن ثمة فرقًا بين المجتهدِ والعامي؛ فالعاميُّ ليس معه آلةٌ يتوصّلُ بها إلى معرفةِ الحكمِ، فكانَ فرضُه التقليد، بخلافِ المجتهدِ؛ إذ عنده الآلةُ التي يتوصلُ بها إلى معرفةِ حكمِ الحادثةِ، لذا لا يجوزُ له التقليدُ (٦).


(١) انظر: المصادر السابقة، والتمهيد في أصول الفقه لأبي الخطاب (٤/ ٤١٧).
(٢) انظر: المعتمد (٢/ ٩٤٧)، وقواطع الأدلة (٥/ ١٧٢)، وقواعد الأحكام للعز بن عبد السلام (٢/ ٢٧٦).
(٣) انظر مسألة: (تصويب المجتهدين وتخطئتهم) في: الفصول في الأصول للجصاص (٤/ ٣٧٥ وما بعدها)، والعدة (٥/ ١٥٤٠ وما بعدها)، وشرح اللمع (٢/ ١٠٤٣ وما بعدها)، والبرهان (٢/ ٨٥٩)، وقواطع الأدلة (٥/ ١١ وما بعدها)، والمنخول (ص/ ٤٥١)، والتمهيد في أصول الفقه لأبي الخطاب (٤/ ٣٠٧ وما بعدها)، وشرح تنقيح الفصول (ص/ ٤٣٨).
(٤) انظر: المعتمد (٢/ ٩٤٧)، وقواطع الأدلة (٥/ ١٧٢).
(٥) انظر: التبصرة (ص/ ٤٠٨)، وشرح اللمع (٢/ ١٠٢٢)، والتمهيد في أصول الفقه لأبي الخطاب (٤/ ٤١٦)، والمحصول في علم أصول الفقه للرازي (٦/ ٨٧ - ٨٨)، ونهاية الوصول للهندي (٨/ ٣٩١٧).
(٦) انظر: المصادر السابقة.

<<  <  ج: ص:  >  >>