للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بأي مرجّحٍ دلَّه على رجحانِه - فالذي يظهرُ لي في هذه الحالةِ هو جوازُ إِفتاءِ المتمذهبِ بغيرِ مذهبِه (١)؛ لأنَّه أتبعَ السائلَ اجتهادَه (٢).

وممَّا يلزمُ المتمذهب أنْ يُبَيّنه للمستفتي بيان مذهبِ إِمامِه، ثُمَّ يذكر له ما ترجَّحَ عنده (٣)؛ ليكونَ السائلُ على بصيرةٍ مِنْ أمرِه (٤).

وأيضًا: فالسائلُ إِنَّما سألَ عن مذهبِ إِمامٍ بعينِه، ويحتملُ إِرادته تقليد إِمامِ المتمذهبِ - ولذا سألَ أربابَ مذهبِه - ومع وجودِ هذا الاحتمال كانَ مِن الأمورِ اللَّازمةِ بيانُ قولِ إِمامِه.

يقولُ ابنُ حمدان: "فإِنْ قويَ عنده - أي: عند المجتهد في مذهبِه - مذهبُ غيرِه، أفتى به، وأَعْلَمَ السائلَ مذهب إِمامِه وأنَّه ما أفتاه به.

فإِنْ كان غرضُ السائلِ مذهبَ إِمامِه لم يفته بغيرِه، وإِنْ قوي عنده" (٥).

ويظهرُ لي أنَّ في منعِ المتمذهبِ مِنْ بيانِ رأيه فيما سُئل عنه، مع إِلزامِه ببيانِ قولِ إِمامِه، تضييقًا دونَ ما يسوّغه، وفي إِفتائه بما يراه راجحًا عنده، وبيان قولِ إِمامِه توسُّطٌ جيّدٌ في هذه الحالةِ.

ولابنِ القيمِ كلامٌ سَبَقَ نقلُه - في المبحثِ الأولِ: (عملُ المتمذهبِ


(١) انظر: أدب المفتي والمستفتي (ص/ ١٢٢)، وصفة الفتوى (ص/ ٣٩)، والمسودة (٢/ ٩٥٢)، والفتاوى الكبرى الفقهية لابن حجر الهيتمي (٤/ ٣١٦)، والدر النضيد للغزي (ص/ ١٩٩)، وكشاف القناع للبهوتي (١٥/ ٤٨)، ومطالب أولي النهى للرحيباني (٦/ ٤٤٨)، والفكر السامي لمحمد الحجوي (٢/ ٤٠٦)، والاختلاف الفقهي لعبد العزيز الخليفي (ص/ ١٩١)، وأصول الإِفتاء للعثماني (ص/ ٤٧٠) مع المصباح في رسم المفتي.
(٢) انظر: أدب المفتي والمستفتي (ص/ ١٢٢)، وصفة الفتوى (ص/ ٣٩)، والمسودة (٢/ ٩٥٢).
(٣) انظر: المصارد السابقة، وفتاوى قاضي الجماعة (ص/ ١٢٩)، والدر النضيد للغزي (ص/ ١٩٩)، وكشاف القناع للبهوتي (١٥/ ٤٨).
(٤) انظر: كشاف القناع للبهوتي (١٥/ ٤٨)، ومطالب أولي النهى للرحيباني (٦/ ٤٤٨).
(٥) نقل كلامَ ابن حمدان تقيُّ الدين بن تيمية في: المسودة (٢/ ٩٣٦)، وفي الطبعة سقط يسير استدركته من طبعة محمد محيي الدين عبد الحميد (ص/ ٥٢٣). وانظر: الفواكه العديدة لابن منقور (٢/ ١٠١).

<<  <  ج: ص:  >  >>