للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إِذا خالفَ مذهبُه الدليلَ) - ومفاده: أنَّ القولَ الراجحَ لا بُدَّ أنْ يخرَّجَ على أصولِ مذهبِ الإِمامِ وقواعدِه؛ لأنَّ كلَّ قولٍ صحيحِ، فهو مخرَّجٌ على أصولِ الأئمةِ (١).

وقد سَبَقَ أيضًا كلامُ تقي الدينِ بن تيمية في بيانِ أنَّ أكثرَ المستفتين لا يخطرُ ببالِهم السؤالُ عن مذهبِ إِمامٍ بعينِه.

الحالة الثانية: أنْ يفتي المتمذهبُ بغيرِ مذهبِه؛ لونِه الأسهل.

إِذا سُئِل المتمذهبُ عن حكمِ مسألةِ ما، ورأى إِفتاءَ السائل بمذهبٍ آخر؛ لكونِه أسهل مِنْ مذهبِه، فالذي يظهرُ لي في هذه الحالة أنَّ الأصلَ فيها عدمُ الجوازِ؛ لأنَّها كتتبعِ الرخصِ، وقد تقدمَ الحديثُ عن مسألةِ: (تتبع الرخص).

يقولُ ابنُ الصلاحِ: "أمَّا إِذا لم يكنْ ذلك - أيْ: إِفتاء المتمذهب بغيرِ مذهبِه - بناءً على اجتهادِ، فإنْ تَرَكَ مذهبَه إِلى مذهبٍ هو أسهلَ عليه وأوسع: فالصحيحُ امتناعُه" (٢).

وقال ابنُ حمدانَ عن حكمِ هذه الحالةِ: "فالمنعُ أصحُّ" (٣).

ويحتملُ وجودُ قولِ آخر في هذه الحالةِ؛ إِذ تعبيرُ ابنِ الصلاحِ وابنِ حمدان مشعرٌ بوجودِ قولٍ ثانٍ فيها.

وقد يُستثنى مِن الحكم السابقِ بعضُ الحالاتِ الخاصةِ الَّتي يرى فيها المفتي أنَّ في الإِفتاءِ بغيرِ المذهبِ رفعًا لحرجٍ وَقَعَ فيه المكلَّفُ، فيجوزُ له الإِفتاءُ بالأسهلِ (٤) بشرطِ: أنْ لا يعارضَ القولَ المُفْتَى بها نصًّا صريحًا في


(١) انظر: إِعلام الموقعين (٦/ ١٦٧).
(٢) أدب المفتي والمستفتي (ص / ١٢٣). وانظر: الدر النضيد للغزي (ص / ١٩٩)، وأصول الإفتاء للعثماني (ص/٤٦٣) مع المصباح في رسم المفتي.
(٣) صفة الفتوى (ص/ ٣٩). وانظر: المسودة (٢/ ٩٥٢).
(٤) انظر: أصول الإِفتاء للعثماني (ص/٤٦٣) مع المصباح في رسم المفتي.

<<  <  ج: ص:  >  >>