للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الأمر الثاني: مَنْ مَنَعَ مِنْ الإِفتاءِ بغيرِ المشهورِ مِن المذهبِ - كما ذَهَبَ إِليه بعضُ المالكيةِ كما تقدم - فإِنَّه يمنعُ مِن الإِفتاءِ بغيرِ مذهبِ إِمامِه؛ وذلك سدًّا للذريعةِ.

يقولُ أبو العبَّاسِ الونشريسيُّ: "قال بعضُ الشيوخِ: فتحُ البابِ بالفتيا في إِقليمنِا بغيرِ مذهبِ مالكٍ لا يسوغُ ... " (١).

والحديثُ في هذا المطلبِ عند غيرِ هؤلاءِ.

ويلحقُ بهؤلاءِ الذين يمنعونَ الخروجَ عن المذهب والأخذَ بغيرِه مِن المذاهب مطلقًا.

الأمر الثالث: محلُّ حديثي هنا عن القولِ الثابتِ في مذهبِ الإِمامِ الآخر، فلا يدخلُ في حديثي الأقوالُ المضعفةِ في المذاهبِ الأخرى.

الأمر الرابع: إِنْ سألَ المستفتي متمذهبًا عن قولِ إِمامِ مذهبٍ آخر - كانْ يُسأل الحنبليّ عن قولِ الشافعية - فالذي يظهرُ لي أن له الإِفتاءَ إِنْ علمَ - أو ظنَّ - مذهبَ الإِمامِ المسؤولِ عنه، وإِنْ لم يعلمْه، فليسُ له الإِفتاءُ (٢).

وبعدَ هذا: يمكنُ القولُ بأنَّ لإِفتاءِ المتمذهبِ بغيرِ مذهبِه ثلاثَ حالاتٍ:

الحالة الأولى: أنْ يفتي المتمذهبُ بغيرِ مذهبِه؛ لرجحانِه عنده.

الحالة الثانية: أنْ يفتي المتمذهبُ بفيرِ مذهبِه؛ لكونه الأسهل.

الحالة الثالثة: أنْ يفتي المتمذهبُ بفيرِ مذهبِه؛ احتياطًا.

الحالة الأولى: أنْ يفتي المتمذهبُ بغيرِ مذهبِه؛ لرجحانِه عنده.

إِذا سُئِلَ المتمذهبُ عن حكمِ مسألةٍ ما، وقد ترجَّحَ عنده غيرُ مذهبِه -


(١) المعيار المعرب (١٢/ ٢٦)، وانظر منه: (٤/ ٢٩٣).
(٢) انظر: إِعلام الموقعين (٦/ ١٦٥)، والفتاوى الكبرى الفقهية لابن حجر الهيتمي (٤/ ٣١٦)، والفتوى - نشأتها وتطورها للدكتور حسين الملَّاح (ص/ ٦٠٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>